أرسل الاتحاد العام التونسي للشغل استدعاءات للحضور بمقرات الاتحاد إلى أربعة نقابيين وهم منية بن نصر العيادي و عبد الكريم بورويص و لمياء المشرڤي و لسعد بن جلول الدريدي ممن رفعوا دعوى قضائية استعجالية ضد نورالدين الطبوبي باعتباره الممثل القانوني للاتحاد من اجل تأجيل المؤتمر الاستثنائي غير الانتخابي الذي كان من المقرر عقده يومي 26 و 27 اكتو برفي مدينة سوسة قبل ان يقع تأجيله من قبل الأمين العام بسبب منع الاجتماعات العامة في صلة بجائحة كورونا .كما قدمت قضية أصلية لإبطال أعمال المؤتمر وما قد يسفر عنه من نتائج حددت جلستها الأولى في فيفري القادم .
ولئن لم يحدد في الاستدعاء سبب الدعوة غير ان الجميع على علم بان المسألة لها صلة بالقضية المذكورة. وبطبيعة الحال قد ينتظر المدعوين الى مقرات الاتحاد الاحالة على لجنة النظام ثم التجريد من العمل النقابي بحسب مصطلح المعارضة النقابية أو تجميد المسؤولية النقابية بحسب القانون الداخلي للاتحاد.
واعتبرت المعارضة النقابية ممثلة خاصة في مجموعة الملتقى النقابي من اجل ترسيخ الممارسة الديمقراطية واحترام قوانين المنظمة ان هذه الإحالات تؤكد مرة أخرى سعي بعض الأطراف داخل الاتحاد إلى الاستفراد بالرأي ومصادرة حرية التعبير وحق الاختلاف داخل المنظمة ضاربين بذلك المبادئ الأساسية والآليات الضرورية لديمقراطية العمل النقابي.
وتستعيد هذه الموجة الجديدة من احتمالات التجريد بلا شك حملات التجميد والتجريد وانهاء المتفرغات التي شهدتها عديد الجهات والقطاعات قبل الثورة ومنذ انتهاء اشغال مؤتمر المنستير (2006) وتجند البعض لمحاولة تمرير مراجعة الفصل العاشر او الفصل العشرين من القانون الأساسي للمنظمة.
أن المتتبع للشأن النقابي لابد أن يتفطن بسهولة إلى أن مسالة بل فلنقل معضلة الفصل العشرين من القانون الاساسي للاتحاد والمتعلق بنظام الدورتين تظل في قلب الرحى من هذه المعركة التي أدخلت الاتحاد في جو من الأزمة الحقيقية رغم تظاهر القيادة النقابية بنقاوة الاجواء داخل المنظمة.
ففي حين تعتبر المعارضة النقابية حملات التجميد والتجريد باستعمال المصطلح النقابي محاولة لتمرير مراجعة الفصل العشرين من القانون الأساسي للمنظّمة فان المسؤولين النقابيين الممثلين للسلطة النقابية يرون أن الاتحاد مسؤول على درجة دنيا من الانضباط داخله وان ما صدر عن مجموعة المتقاضين هو ضرب من العقوق كما كتب سامي الطاهري الامين العام المساعد المكلف بالإعلام والناطق الرسمي باسم الاتحاد على صفحته.
ومهما يكن من مصير هذا الصراع فان اي نقابي يحال على لجنة النظام له الحق في مراسلة رسمية كما انه من حقه سحب نسخة من الملف الذي يتضمن اي دعوى ضده وتكليف محام للدفاع عنه كما ان اي قرار سيصدر ضد النقابيين سيكون قابلا للطعن امام السلطة القضائية التي لا يرى المتقاضون اي حرج في الالتجاء اليها لعدم تناقض ذلك في نظرهم مع استقلالية القرار النقابي.
ويتساءل البعض عن سر لزوم مسؤولي الاتحاد الصمت حول قانونية المؤتمر الاستثنائي غير الانتخابي ان هذا الصمت قد يبدو غريبا فعلا ولكنه صمت يبرره على الأرجح خطورة هذه المسالة وحساسيتها المفرطة وهو أمر يعرفه كل ما حضر مؤتمر المنستير الصاخب الذي رفضت فيه لجنة مراجعة القانون الأساسي للاتحاد تحمل مسؤولية النظر في نقطة الفصل العاشر لتطلب عرضها على المؤتمرين أنفسهم وهي بذلك كادت أن تعصف بالمؤتمر كله في جو من الفوضى منقطعة النظير. ولولا يقظة الأمين العام للاتحاد- أو ربما خوفه على مصير المؤتمر- الذي أدرك خطورة الموقف فقرر التمسك بالفصل الذي اقره مؤتمر جربة في 2002 لكان وقع في المنستير ما لا يحسن عقباه.
مرة أخرى وحتى بعد الثورة تظل المسألة الديمقراطية داخل الإتحاد هي مدار كل الصراعات اذ لا تزال تسيطر لدى بعض المسؤولين النقابيين عقلية الاستحواذ على مصير المنظمة عبر تصفية الخصوم النقابيين و حملات التجميد والإحالات على لجنة النظام، وتنصيب النقابات او التحكم في مؤتمراتها كمقدمة من أجل خلق موازين قوى جديدة داخلها لتمرير الانقلاب على قرار مؤتمري المنستير وجربة الخاص بمسألة الدورتين، وذلك من خلال هذه الدعوة إلى مؤتمر استثنائي غير انتخابي و التي يؤكد المعارضون النقابيون على بطلانها ومخالفتها للقانون الأساسي والنظام الداخلي للمنظمة .
ويعد رفض هذا المؤتمر والتمسك بالفصل 20 المكسب غير قابل للتفريط دفاعا عن الديمقراطية إذ أقر التداول على المسؤولية في قيادة المنظمة والعمل على تطبيقه في كل مؤتمرات الاتحاد.