وقع استضافتي أمس ولأوّل مرّة على فرانس 24 في برنامج " في فلك الممنوع " قيل لي أنّه مباشر ولكن تبيّن أنّه مسجّل وعرض منذ قليل لأكتشف صنصرة جزء من الأجوبة التي على ما يبدو لم ترق لمعدّ البرنامج.
كان الحوار بين أربعة ضيوف حول الرّسوم المسيئة وتصريحات رئيس فرنسا، لم أسلك كعادتي نزعة دفاعيّة أو هجوميّة بل نزعة تفهّميّة حاولت من خلالها في حيّز زمنيّ ضيّق جدّا تشخيص الأزمة وتحليل خلفياتها وأبعادها وتقديم ما أقدّر أنّه معالجات، لكن معدّ البرنامج سمح لنفسه بتشغيل المقصّ في ما رأى أنّه يستحقّ القصّ.
قناة يفترض أنّها تمثّل الصّوت العربي لفرنسا تمارس شكلا من المنع والمصادرة التي تمارسها المنظومات الإعلاميّة المتخلّفة في الدّول العربيّة التي تحكمها أنظمة الاستبداد ومصادرة الحريّات. هذه عيّنة من الممارسات التي تبرز أين توجد الأزمة.
أئمّة فرنسا
أتابع باهتمام ومتعة خطاب عدد من أئمّة فرنسا، حضور لافت شكلا ومضمونا، لغة فرنسيّة بالغة الاتقان والأناقة تنبئ بمعرفة واسعة بلغة موليير وقواعدها ومعجمها وآدابها، كما يكشف خطابهم معرفة ضافية بالثقافة الفرنسيّة والعربيّة على حدّ سواء فضلا عن المعارف الإسلاميّة التّراثيّة، مع نفس تنويري في فهم الدّين …
هذا بعض ما أثرته في استضافة فرانس 24 حيث اعتبرت هؤلاء الأئمّة جزء من الحلّ في أزمة فرنسا مع مواطنيها من معتنقي الإسلام … ممّا حذف ذكري لاسم أحد الأئمّة وهو عبد المنعم أبو سنّة المعروف في شبكة التّواصل الاجتماعي …
لا أدري لماذا تغيّب فضاءات الحوار العمومي في فرنسا إماما بهذا الثراء اللغويّ والثّقافي والمعرفي والروحي وتبرز من لا يحسن تكوين جملة فرنسيّة مفيدة دون ارتكاب حماقات لغويّة نطقا ونحوا وصرفا ومعجما … وتنصّبه ممثّلا لمسلمي فرنسا وناطقا باسم إئمّتهم بعد أن فرضته بقوّة الأمن إماما على منبر مسجد درنسي عقب عزل إمامها بشكل قسريّ دون العودة للجالية …
هل تفضّل الدّولة الأُمِيّين على المتعلّمين الحاملين للمعارف والمتقنين للغة التي جعلتها عنوانا ومعيارا للاندماج؟ لا نفهم حقيقة كيف يفكّر ساسة فرنسا وكيف يرتّبون شؤون الملايين من مواطنيهم من معتنقي الإسلام …