ارتفعت هذه الأيام أصوات عديدة من بينها اساتذة قانون دستوري تطلب من رئيس الجمهورية تفعيل الفصل 80 من الدستور واتخاذ التدابير الاستثنائية لمجابهة الوضع الذي تعيشه بلادنا والذي وصفوه بالكارثي وعلّلوا طلبهم بالعنف اللفظي والبدني بين بعض النواب و بالتّحرّكات الاحتجاجية في الجهات المهمّشة التي يطالب سكّانها بالتنمية وبالاستفادة من الثروات الطبيعية المستخرجة من جهاتهم.
يعتبر هؤلاء شروط تطبيق هذا الفصل متوفّرة لكنهم اختلفوا في تأويل أحكامه فاعتبر شقّ منهم انه يجيز لرئيس الجمهورية حلّ مجلس نواب الشعب وطلبوا فعلا حلّه.
في هذا السياق أدلى أمين محفوظ استاذ القانون الدستوري بتصريح لقناة » الحوار التونسي » ذكر فيه انّ حلّ الازمة التي تعيشها البلاد يكمن في الفصل 80 من الدستور من خلال اتخاذ رئيس الجمهورية التدابير التي تحتّمها الحالة الاستثنائية و التي تسمح له بالتدخل في مجال التشريع دون تفويض من مجلس نواب الشعب و دون حلّه ودون اصدار لائحة لوم ضدّ الحكومة وأشار الى أنه بهذه التدابير الاستثنائية يعلّق مبدأ الفصل بين السلط و يتدخّل رئيس الجمهورية في مجال السلطة الترتيبية التي هي من اختصاص رئيس الحكومة و استخلص انّ باردو والقصبة ينتقلان إلى قرطاج.
1)في جينيالوجيا الفصل 80
من المفيد أن نذكر هنا الفصل أن 80 من الدستور هو اعادة صياغة للفصل 46 من دستور 1 جوان 1959 مرفقة ببعض التعديلات التي فرضتها الثورة التونسية و قد كان مضمون الفصل 46 مدرجا في الفصل 32 في الصيغة الاولى لدستور 1959 الذي ينص على انه في حالة خطر مهدد لكيان الجمهورية و امن البلاد و استقلالها لرئيس الجمهورية اتخاذ « ما تحتمه الظروف من تدابير استثنائية تزول بزوال اسبابها و يرسل رئيس الجمهورية بيانا في ذلك الى مجلس الامة».
لقد أعلن الآباء المؤسسون الذين حرروا دستور 1959 الجمهورية و اعتبروا المسّ بالنظام الجمهوري يمثّل خطرا يبرّر اتخاذ التدابير الاستثنائية التي تخضع للسلطة التقديرية المطلقة لرئيس الجمهورية ولم يحمّلوه واجب استشارة ايّ كان ولم يتعرّضوا لمسألة حلّ البرلمان من عدمه لكن تحول مضمون الفصل 32 إلى تنصيصات الفصل 46 بعد ان نقح بالقانون الدستوري عدد 37 لسنة 1976 ثم بالقانون الدستوري 51 لسنة 2002 المؤرخ في 1 جوان 2002 وبناء على الصيغتين الواردتين في تنقيح 1976 او 2002 وقع وصف الخطر بالداهم و انتزعت من رئيس الجمهورية السلطة التقديرية المطلقة وفرض عليه الدستور في صيغته الاخيرة أن يتخذ التدابير الاستثنائية « !:! بعد استشارة الوزير الاوّل و رئيس مجلس النواب ورئيس المستشارين » و لا يجوز له حل مجلس النواب كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة و وتزول تلك التدابير الاستثنائية بزوال اسبابها فيوجه رئيس الجمهورية بيانا الى الشعب.
لقد وقع اتخاذ التدابير الاستثنائية في 26 جانفي 1959 على معنى الفصل 46 من دستور سنة 1959 و رافقت هذه التدابير عمليات قمع شديدة اسفرت عن عديد الضحايا بين الموت والعجز البدني ففي يوم الخميس الاسود أصدر الحبيب بورقيبة رئيس الجمهورية أمرين مؤسّسين على الفصل المذكور:
– الامر عدد 49 لسنة 78 المتعلّق بإعلان حالة الطوارئ في كامل تراب الجمهورية.
– الامر عدد 50 لسنة 78 المتعلّق بتنظيم حالة الطوارئ.
وصدر امران بالتسخير مؤسسان على المجلة الجزائية وعلى مجلة الشغل جاء في طالعهما ان توقف العمل ببعض المؤسسات «من شأنه أن ينال من ال مصالح الحيوية للأمة» وهذا الامران هما:
– الامر عدد 51 لسنة 78 المتعلق بمنع المظاهرات والجولان بتونس العاصمة و أسس على الفصول 37 و 41 و 53 من الدستور وعلى القانون عدد 4 لسنة 69 المتعلق بالاجتماعات العامة والمواكب والاستعراضات و المظاهرات والتجمهر.
– صدر الامر عدد 47 لسنة 78 بتسخير بعض اعوان مؤسسات قومية تابعة لرقابة وزارة الصناعة والمناجم والطاقة و استعرض الفصل الاول من هذا الامر اسماء المؤسسات المسخر اعوانها وصدر الأمر عدد 48 لسنة 78 المتعلّق بتسخير بعض اعوان الشركة القومية للسكك الحديدية والشركة القومية للنقل و شركة تونس الجوية.
ولمواجهة الاحتجاجات الشعبية ضد الترفيع في سعر الخبز أصدر رئيس الجمهورية عملا بأحكام الفصل 46 من دستور سنة 1959 الأمر عدد 1 لسنة 1984 المؤرخ في 3 جانفي 1984 يعلن فيه حالة الطوارئ بكامل تراب الجمهورية و أصدر الأمر عدد 2 لسنة 1984 المؤرخ في 3 جانفي 1984 بمنع المظاهرات والجولان بكامل تراب الجمهورية و تأسّس الأمر الثّاني على أحكام الفصول 37 و 41 و 53 من الدستور ثمّ صدر الأمر عدد 50 لسنة 1984 يلغي الأمر عدد 2 لسنة 1984 المذكور في هذه الفقرة.
2 )في تفاصيل الفصل 80 من دستور 2014
يعدّد الفصل 77 من الدستور صلاحيات رئيس الجمهورية و ينصّ في المطة الخامسة علي «اتخاذ التدابير التي تحتّمها الحالة الاستثنائية و الاعلان عنها طبق الفصل 80 ».
ينص الفصل 80 من دستور 2014 على انّه يمكن لرئيس الجمهورية «في حالة خطر داهم مهدّد لكيان الوطن او أمن البلاد او استقلالها يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة أن يتّخذ التدابير التّي تحتّمها تلك الحالة الاستثنائية ».
إن اتخاذ تلك التدابير موقوف أوّلا على استشارة كلّ من رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وثانيا على اعلام رئيس المحكمة الدستورية و يعلن الرئيس عنها «في بيان الى الشعب» «وهي تهدف » الى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدّولة في اقرب الآجال و يقتضي أيضا أنّه أثناء سريان تلك التدابير يعتبر مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم ولا يجوز لرئيس الجمهورية حله.
إنّ الركن الأساسي لاتخاذ التدابير الاستثنائية على معنى الفصل 80 من الدستور هو الخطر الداهم المهدّد لكيان الوطن و امن البلاد و استقلالها و من نتائجه تعذّر سير دواليب الدولة العادي و يمكن ان يكون عدوانا من دولة اجنبية او عصيانا داخليا مسلّحا او دعوة الى الانفصال. و يمكن ان يكون جائحة وبائية خطيرة جدّا تهدّد البشرية مثل (وباء كورونا – كوفيد 19) فهل يدخل في مبررات التجاء رئيس الجمهورية الى الفصل 80 العنف المتبادل بين النواب والحركات الاحتجاجية أو الأزمة المركبة التي تعيشها البلاد سياسية اقتصادية واجتماعية؟
أ ) هل يمكن التوسع في مسوغات الالتجاء إلى هذا الفصل ؟
انّ العنف المتبادل بين بعض النواب ليس خطرا داهما يهدد كيان الوطن و يعطّل السير العادي لدواليب الدولة فهو ليس موجبا لتفعيل الفصل 80 من الدستور فلم يتعطّل أبدا نتيجة التجاذبات داخله عمل البرلمان الذّي صادق في الاجل الدستوري على ميزانية 2021 هذا العام.
هذا من جهة ومن جهة اخرى فان حالات العنف التي عرفها المجلس يعود الى النيابة العمومية التّصدّي لها وفق احكام الفصلين 68 و 69 من الدستور المتعلّقين بالحصانة البرلمانية و برفعها وبحالة تلبّس النائب بجريمة و وفق المجلّة الجزائية و مجلّة الاجراءات الجزائية كما يعود لها تحريك الدعوى العمومية ضدّ النواب الذّين يحاولون تعطيل البرلمان مثل محاولة منع الجلسة العامة من الانعقاد.
تطالب هذه التحرّكات بالتنمية والعدالة الاجتماعية و بالحقّ في العمل و تذكّر هذه التحرّكات الدّولة بواجبها الدستوري في السعي الى تحقيق العدالة الاجتماعية و التنمية المستدامة و التوازن بين الجهات (الفصل 12 من الدستور) وتذكّرها أيضا «بحق الجهات في الاستفادة من الثروات الطبيعية المستخرجة منها وذلك بأن تخصص نسبة من المداخيل المتأتّية من استغلال الثروات الطبيعية» (الفقرة الثانية من الفصل 136 – الباب السابع من الدستور) لتنمية الجهات المحرومة.
و مهما يقال عن هذه التحرّكات وبعض التجاوزات التي تعرفها فهي تبقى في حدودها السلمية ممارسة لحقوق وحرّيات دستورية مثل حرّية الرأي و الفكر و التعبير (الفصل 31 من الدستور) وحرّية الاجتماع و التّظاهر السلميين( الفصل 37 من الدستور).
امّا إذا انحرف التظاهر عن السلمية أو وقع تعطيل وسائل الإنتاج مثل البترول او الفسفاط أو الغاز و منع العمّال من الالتحاق بمراكز عملهم فإنه من واجب النيابة العمومية اثارة الدعوة العمومية وإحالة المتّهمين على المحكمة ولا يستوجب الانحراف عن سلمية التظاهر تقييد حرية التظاهر أو منعها بتفعيل الفصل 80 من الدستور الذي يسمح وقتيا بالحدّ من ممارسة بعض الحقوق والحرّيات بسبب حالة استثنائية تعيشها البلاد تتمثّل في خطر داهم يهدّد كيانها او امنها او استقلالها.
ب ) قيس سعيد يفعل الفصل 80
في آخر عام 2019 اصاب البشرية وباء خطير جدّا هو كورونا – كوفيد 19 – وقد وصفته المنظّمة العالمية للصحّة بأنّه جائحة لاسيّما انه عندما ظهر لا يوجد ضدّه لقاح او دواء و انتشر في كلّ البلدان وهدّد البشرية وقضى على عدد كبير من الناس وهو معد و دعت المنظّمة العالمية للصّحة الى التباعد الجسدي وأحدثت جلّ الدّول مجالس علمية تستعين برأيها لمواجهة خطورة الجائحة و استقر الرأي في كثير من الدّول على ضرورة فرض الحجر الصّحي ومنع الاجتماعات و اقامة الأفراح و الشّعائر الدّينية الجماعية و اوقفت المملكة السعودية شعيرة العمرة.
بسبب هذه الجائحة فعّل رئيس الجمهورية قيس سعيّد الفصل 80 من الدستور وأصدر الأمر الرئاسي عدد 24 لسنة 2020 المؤرّخ في 18 مارس 2020 المتعلّق بمنع الجولان بكامل تراب الجمهورية بعد ان استشار كلاّ من رئيس الحكومة و رئيس مجلس نواب الشعب.
حفظا للحقّ في الصّحة المنصوص عليه بالفصل 38 من الدستور تمّ بهذا الأمر التضييق وقتيا على بعض الحرّيات والحقوق لأنّ ممارستها تمثّل خطرا على الصّحة و تكون وسيلة لانتقال العدوى و من بينها حرّية المواطن في التنقل داخل الوطن وحقّه في مغادرته (الفقرة 2 من الفصل 24 من الدستور).
اقتضى الفصل الأوّل من هذا الأمر منع جولان الأشخاص والعربات بكامل تراب الجمهورية من الساعة السادسة مساء إلى الساعة السادسة صباحا ابتداء من 18 مارس 2020 إلى أن يصدر ما يخالف ذلك واستثنى الحالات الصحية العاجلة وأصحاب العمل الليلي و اسند رئيس الجمهورية في الفصل الثاني الى وزير الدفاع الوطني ووزير الداخلية تنفيذ هذا الأمر الرئاسي.
وصدر الأمر الرئاسي عدد 28 لسنة 2020 المؤرخ في 22 مارس 2020 يحجّر جولان الأشخاص و العربات خارج اوقات منع الجولان إلا لقضاء الحاجات الأساسية و لأسباب صحيّة مستعجلة و منع كلّ تجمّع يفوق ثلاثة أشخاص بالطّريق العامة وبالساحات العامة و تأسس هذا الامر على الفصل 80 من الدستور و على الامر الرئاسي عدد 24 لسنة 2020 السالف الذكر و استشار رئيس الجمهورية في شأنه كلاّ من رئيس مجلس نواب الشعب و رئيس الحكومة.
لقد أنهي الأمر الرئاسي عدد 58 لسنة 2020 المؤرخ في 8 جوان 2020 العمل بالتدابير الاستثنائية بإنهائه العمل بالأمر الرئاسي عدد 24 لسنة 2020 و بالأمر عدد 28 لسنة 2020 المتعلّقين بمنع الجولان وتنظيم التجمّعات و تأسّس على الفصل 80 من الدستور و استشار الرئيس في شأنه رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب بما يعني ان البرلمان لم يقع حلّه بل ظلّ يعمل.
ج) في الجهل بالفصل 80
يبدو انّ الذّين طالبوا بحل البرلمان اعتماد على هذا الفصل ومنهم الاستاذ الصادق بلعيد يجهلون مضمونه أو يتجاهلونه ولا ندري اذا كانوا على علم بظروف استعماله وبجنيالوجيته فالفصل صريح في أنّه لا يجيز لرئيس الجمهورية حلّ مجلس نوّاب الشعب الذي يواصل عمله سواء في مراقبة عمل الحكومة او في وظيفته التشريعية سواء في اللجان البرلمانية او في الجلسة العامة ولا يكتفي الفصل 80 بعدم منح رئيس الجمهورية سلطة حل البرلمان بل يعتبر البرلمان في الحالة الموصوفة في الفصل 80 «في حالة انعقاد دائم» وليس لهذا الانعقاد من معنى في نظرنا سوى أنّ المجلس يباشر مهامه التي من بينها بل خاصة وعملا بأحكام نفس هذا الفصل متابعة تنفيذ التدابير الاستثنائية و مراقبتها حتى يتسنى لرئيس المجلس او لثلاثين من اعضائه ان يطلبوا بعد مرور ثلاثين يوما على سريان تلك التدابير الاستثنائية من المحكمة الدستورية البتّ في استمرار الحالة الاستثنائية من عدمه والكل يعلم انه الى حدّ الآن لم يقع ارساء المحكمة رغم احداثها بالقانون عدد 50 لسنة 2015 المؤرّخ في 3 ديسمبر 2015.
لقد حرص النواب المؤسسون بعد الثورة على «ان يكون مجلس نواب الشعب سلطة تشريعية بحقّ» و أكّدوا على ضرورة «حمايته وهو المجلس المنتخب من الشعب من مخاطر الوقوع تحت سلطة جهة اخرى بيدها وحدها قرار حلّه. و لم يسمح بذلك إلاّ في حالة وحيدة مرتبطة بعجزه عن منح ثقة لحكومة جديدة وفق ما ورد في الصفحة 27 من التقرير العام حول مشروع الدستور.
و لا يتخلف الفصل 80 في دستور 2014 عن الفصل 46 في دستور 1959 كما ذكرنا اعلاه.
وسواء نص الدستور على حالة الانعقاد ام لم ينص عليها يواصل البرلمان عمله.
فخلافا لما صرح به أمين محفوظ من ان التدابير الاستثنائية تعلق مبدأ الفصل بين السلط نلاحظ أن هذا المبدأ ظلّ معمولا به و عقد مجلس نواب الشعب جلسات عامة وافق خلالها على مشاريع قوانين في الفترة الممتدة من 18 مارس 2020 تاريخ اصدار عملا بالفصل 80 من الدستور الأمر الرئاسي عدد 24 لسنة 2020 بمنع الجولان بكامل تراب الجمهورية الى 8 جوان 2020 تاريخ اصدار عملا بأحكام الفصل 80 من الدستور الأمر الرئاسي عدد 58 لسنة 2020 الذي انهى العمل بالأمر الرئاسي عدد 24 لسنة 2020 و بالأمر الرئاسي عدد 28 لسنة 2020 أي انه انهى العمل بالتدابير الاستثنائية :
نذكر على سبيل المثال القانون عدد 19 لسنة 2020 المتعلق بالتفويض الى رئيس الحكومة في اصدار مراسيم لغرض مجابهة تداعيات انتشار فيروس (كورونا كوفيد – 19 ) لقد وافق مجلس نواب الشعب في جلسته المنعقدة يوم 4 أفريل 2020 على مشروع هذا القانون و في جلسته المنعقدة يوم 14 أفريل 2020 وافق على مشروعي القانونين عدد 21 و 22 المؤرخين في 28 أفريل 2020 و في جلسته المنعقدة يوم 12 ماي 2020 وافق على مشروعي القانونين عدد 25 و 26 المؤرخين في 28 ماي 2020 وبجلسة 13 ماي 2020 وافق على مشروعي القانونين عدد 27 و 28 المؤرخين في 28 ماي 2020.
و في ظل دستور 1959 بقي البرلمان يعمل بعد اتخاذ الحبيب بورقيبة رئيس الجمهورية عملا بأحكام الفصل 46 من الدستور التدابير الاستثنائية لمجابهة الاضراب العام الذي أعلن عنه الاتحاد العام التونسي للشغل فقد أعلن عن حالة الطوارئ بالأمر عدد 49 لسنة 1978 المؤرخ في 26 جانفي 1978 ورفعت حالة الطوارئ بالأمر عدد 148 لسنة 78 المؤرخ في 24 فيفري 1978 و تأسس هذا الامر على الفصل 46 من الدستور.
و اثناء سريان حالة الطوارئ ظلّ البرلمان يعمل و عقد جلسة يوم 12 فيفري 1978 تداول في 12 مشروع قانون و وافق عليها وصادق عليها رئيس الجمهورية يوم 15 من نفس الشهر و السنة.
و فيما يخص احتجاجات جانفي 1984 على الترفيع في سعر الخبز صدر في اليوم الثالث من هذا الشهر الأمر عدد 1 لسنة 1984 بإعلان حالة الطوارئ بكامل تراب الجمهورية و بعد يومين عقد البرلمان جلسة عامة و صادق على مشروع القانون عدد 1 لسنة 1984 المؤرخ في 10 جانفي 1984.
وخلال مدة الحجر الصحي وتفعيل الفصل 80 ظلت القصبة في مكانها ولم ترحل إلى قصر قرطاج وأصدر رئيس الحكومة اوامر ترتيبية نذك منها الأمر الحكومي عدد 156 لسنة 2020 المؤرخ في 22 مارس 2020 المؤسس على الفصل 94 من الدستور الذي ينص على ان رئيس الحكومة يمارس السلطة الترتيبية العامة و يتعلق الأمر الحكومي عدد 156 لسنة 2020 بضبط الحاجيات الاساسية و مقتضيات ضمن سير المرافق الحيوية في اطار تطبيق اجراءات الحجر الصحي الشامل و الامر الحكومي عدد 208 لسنة 2020 المؤرخ في 2 ماي 2020 المتعلق بضبط اجراءات الحجر الصحي.
3) الأغراض السياسة بديلا عن المعرفة القانونية
أخيرا لطالما اختلط القانون بالسياسة عند الكثيرين من اساتذة القانون في تونس ومنهم الأستاذ الصادق بلعيد ( لا فائدة من ان نعلق على قراءته للفصل 80 فقد كفانا هو نفسه مؤونة الرد عليه حين قال بعد الانتقادات التي وجهت اليه إنه كان في سيارته في وقت إدلائه بالتصريح لإحدى الاذاعات وانه لم يكن مركزا ) وأمين محفوظ الذي يخرج جملة وتفصيلا عن مقتضيات الفصل كما بينا ويبيح لنفسه بان يقرأه بما يشبع رغبته الغربية في خراب مجلس نواب الشعب وزوال دستور 2014 اللذين لم يقبل بهما منذ البداية رغم انه يحتج بهما احيانا في تحاليله القانونية .
ان الاستاذين الصادق بلعيد وامين محفوظ وهما الاكثر حضورا في الاعلام لا يستندان في كثير من الاحيان الى القانون بل الى أغراض السياسة. انه لمن المؤسف ان يتكلم رجال القانون في تونس احيانا وفق غرض سياسي لا خدمة للقانون وهو غرض لا علاقة له بترسيخ و تطوير التفكير القانوني و الدفاع عن علوية القانون، الأمر الذي أفسد كل شيء لدى من يفترض فيهم أنهم يكوّنون عقولا داخل كليات الحقوق. فإذا بهم يكوّنون رصيدا بائسا لأنفسهم في خدمة «أغراض أخرى» على حد ما كتبه أستاذ القانون الدستوري محمد العجمي في تدوينه له على صفحته بالفيسبوك.
هل نحن امام هذيان ينتسب الى الدستور يقال سواء في السيارة أو في المقهى أو في الصالون أو حتى في الاستديو الاذاعي او البلاتو التلفزي … ومثل كل هذيان فهو ناتج عن حالة غير طبيعية اعترف بها الصادق بلعيد …فمتى يعترف بها غيره مما أصابتهم الحالة وهم لا يعلمون؟