عقدت لجنة مكافحة الفساد بالبرلمان اليوم جلسة استماع لفريق محكمة المحاسبات حول المهمة الرقابية لهيئة الحقيقة والكرامة عارضا أهم الخلاصات الواردة في التقرير المنشور على موقع المحكمة منذ 30 أفريل 2019.. ومما أثاره فريق المحكمة اليوم مسألة تضارب المصالح المتعلقة برئيس لجنة التحكيم والمصالحة صلب الهيئة خالد الكريشي، النائب عن الكتلة الديمقراطية في البرلمان، والذي أكد اليوم استعداده للاستقالة حال ثبوت استغلال صفته كمحامي أو شركته للمحاماة حال ثبوت تضارب المصالح ضده.
تصريح ممثلة محكمة المحاسبات اليوم:
- رئيس لجنة التحكيم خالد الكريشي كان في وضعية تضارب مصالح في عديد الملفات وهو أقرّ بذلك في عديد محاضر الجلسات، ومجلس الهيئة لم يبت في مطلب التجريح، وكان المفترض أن يتخلى بنفسه عن النظر في الملفات ويغادر اللجنة ولكنه لم يقم بذلك بل لاحظنا أنه اقترح "تنقيحات" في النظام الداخلي للجنة وكيفية تقييم الملفات التحكيمية.
إنعاشًا للذاكرة، هذا مما ورد في تقرير محكمة المحاسبات حول مسألة تضارب المصالح:
- لم تحرص هيئة الحقيقة والكرامة على التحري بالقدر الكافي في وضعيات تضارب المصالح التي شابت أعمال لجنة التحكيم والمصالحة حيث تبين أنها لم تبت في مطلبي تجريح تم تقديمهما من قبل رئيس لجنة التحكيم والمصالحة وذلك في غضون أسبوع خلافًا للفصل 62 من قانون العدالة الانتقالية إذ تمّت المصادقة على هذين المطلبين في 28 ماي 2018 أي بتأخير فاق على التوالي 18 شهرًا و12 شهرًا.
- قدم رئيس لجنة التحكيم والمصالحة خالد الكريشي طلب استقالة من اللجنة بتاريخ 13 جانفي 2017 نظرًا لعلاقته السابقة بوزير أملاك الدولة والشؤون العقارية وقتها مبروك كورشيد (شريكه في مكتب محاماة)، غير أنه تم رفض هذا المطلب بتاريخ 12 أفريل/نيسان 2018.
- واصل خالد الكريشي في الأثناء مباشرة مهامه والتداول في جميع ملفات التحكيم والمصالحة بما فيها ملفين موضوع تجريح وتقديم مقترحات بشأنها والمصادقة على القرارات التحكيمية دون إمضائها، علمًا وأن لجنة التحكيم والمصالحة قررت في جلستها بتاريخ 8 ماي 2018 تكليف رئيس اللجنة بملفات فساد كبرى وهو ما من شأنه الحد من شفافية أعمال اللجنة وحياد أعضائها وذلك وفق المحكمة دائمًا.
وعلى سبيل المزيد من الإنارة، هذه شهادة نائبة رئيس لجنة التحكيم والمصالحة ابتهال عبد اللطيف بخصوص مسألة تضارب المصالح، والتي قدمتها في مركز التميمي للبحث العلمي والمعلومات:
- من أصل 8 قرارات تحكيمية صادرة في مجال الفساد المالي، 3 من طالبي التحكيم في هذه الملفات على الأقل كان محاميهم رئيس اللجنة خالد الكريشي، والذي تربطه بدوره شراكة بوزير أملاك الدولة مبروك كورشيد عبر "شركة التوفيق للمحاماة والاستشارة" وتلقى رئيس لجنة التحكيم أرباح من هذه الشركة طيلة عمله بالهيئة.
- ادعى رئيس التحكيم أنه تقدم بتجريح في نفسه بتاريخ 4 نوفمبر 2016 في كل ملفات الفساد المالي بعلاقة بوزير أملاك الدولة مع الإنكار التام لتداوله في تلك الملفات في حين تثبت وثيقة التجريح التي قدمها في ذلك التاريخ أنه جرح في نفسه في ملف وحيد وهو ملف سليم شيبوب.
- "كان رئيس اللجنة يشرف ويشارك في المداولات ويوجه سيرها ويمضي على الاتفاقيات المبدئية وعلى العديد من محاضر الجلسات وهذا الأمر أخطر من مجرد إمضاء الإتفاقيات النهائية... قدمت استقالتي من اللجنة بصورة نهائية يوم 11 ديسمبر 2018 لما لامسته من كثرة الشبهات والتلاعب بهذه الاتفاقيات".
-"من الاتفاقيات التحكيمية المشبوهة أذكر مثالا وهو ملف لزهر سطا حيث تعمّد فيه رئيس لجنة التحكيم بإبرام اتفاقيته المبدئية والمشاركة في الفصل فيه رغم أنه من منوبيه وحرفاء مكتبه طبقا للتقرير الصادر عن منظمة "أنا يقظ" الواصل إلينا بتاريخ 31ماي 2018. وقد تأكدت هذه العلاقة المهنية عند العثور صدفة على ختمي الأستاذ خالد الكريشي المحامي باعتباره شريكا في شركة التوفيق للمحاماة وأيضا ختم زوجته الأستاذة سماح الخماسي التي تمارس عملها بنفس مكتب تلك الشركة محبّرين على غلاف ملف الشخص المعني الذي يفترض عدم خروجه من مقرّ هيئة الحقيقة والكرامة بما يوحي أن ذلك الملف بكل ما يحويه من وثائق ومسودّات قد غادر مقرّ الهيئة ليناقش خارج مكاتبها بواسطة رئيس لجنة التحكيم والمصالحة. ورغم خطورة المسألة فإن رئيس اللجنة تعمّد اخفاء علاقته بطالب التحكيم ولم يجرّح في نفسه رغم علمه بذلك ورغم أنه جرّح في نفسه في ملف مشابه مثل ملف سليم شيبوب بما يقيم في حقّه قرينة سوء النية خاصة وقد تداول في جميع الملفّات كما ذكرت ذلك دائرة المحاسبات".
-"أصبحت المحاباة تظهر شيئا فشيئا بعد عزل مبروك كورشيد للمكلف العام بنزاعات الدولة لزهر الجويلي بسبب إصراره على عدم رفع الائتمان على أملاك لزهر سطا... تجلت المحاباة من خلال اتفاق المحكّم مع طالب التحكيم إلى النزول بالمبلغ المطلوب إلى 50 مليون دينارا فقط، رغم أن ذلك لا يشكل إلا نسبة ضعيفة جدّا من الانتهاك والفساد المنسوب للمسمى لزهر سطا..وقد نبهت كل أعضاء مجلس الهيئة عند عرض الاتفاقية للمصادقة إلى أن هذا الاتفاق مشبوه و أعلمتهم برفضي المسبق للإمضاء عليه بصفتي نائبة الرئيس المجرح فيه وأذكر في هذه الجلسة أن رئيس اللجنة حضر في كل مداولاتها وبلغ به الغضب أشده وتمسك بضرورة المصادقة على ذلك المبلغ لكن تصويت المجلس كان في اتجاه طلبي وأعيد الملف للمراجعة بعرضه على المحللين الماليين بالهيئة ليرتفع الرقم بعد تلك المراجعة إلى ما أكثر من ذلك بكثير ويمكن التأكد من كل هذه التفاصيل بالرجوع إلى التسجيلات الصوتية لمداولات مجلس الهيئة ومحاضر جلساتها الأصلية إن لم تتلف".
ختامًا، أحالت محكمة المحاسبات ملفات إثر مهمتها بهيئة الحقيقة والكرامة إلى النيابة العمومية بعد تسجيل أفعال خاضعة للقانون الجزائي (مع الإشارة إلى أن الهيئة غير خاضعة لنظام أخطاء التصرف) مع التذكير أنه تم تقديم شكاية جزائية حول مسألة تضارب المصالح والشبهات الحافّة بملفات التحكيم.