في سن ال 93 سئل نجيب محفوظ العبقري الذي يتقن فن السخرية عيشا وكتابة (تماما كالروائي ميلان كونديرا الذي رحل اليوم) عن الحل لمشاكل مصر، وهو الذي عايش أهم محطات تاريخ بلده المعاصر من ثورة 19 إلى ما قبل نهاية حكم مبارك بخمس سنوات، مرورا بثورة 52 وهزيمة 67 وموت عبد الناصر وحرب 73 ومعاهدة الاستسلام للكيان سنة 79...
فقال لمن سأله ببساطة:" هو أنت فاكرني أعرف الحل وما قلتش عليه! ". الأدب العظيم فكرة عظيمة ينجح خيال كبير واستثنائي في ملاحقتها فنيا و"كتابتها".. فيبدع في إنطاق شخصياته بخلاصات تجربة الإنسان في الوجود وتفاعلات هذه الورطة/الحياة المتجددة داخل كل فرد من أفراد البشرية.. لينتهي إلى ما انتهى إليه محفوظ وكونديرا :
محفوظ أنهى كتابته برائعة "أحلام فترة النقاهة" الذي أملى فيه، بعد عجزه عن الكتابة، مجموعة لوحات فنية ساخرة من كل المعاني وسمّاها "أحلاما" للتمويه على عبثيته العميقة.
وكونديرا كتب خلاصة فكرته في رواية أرادها عنوانا لرؤيته في الأدب والحياة سماها "عيد اللامعنى". كونديرا ومحفوظ تشرّبا قهر وكابوس العيش ملاحقا ومهانا تحت حكم أجهزة الأنظمة الكليانية الشيوعية أوالعسكرية. فكتبا كثيرا لينتهيا إلى جواب واحد تقريبا:
لا حل.. إلا مزيدا من الشجاعة، وربما المتعة، في مجابهة اللامعنى.