المعركة مع الانقلاب سياسية في ظاهرها، ولكنّها إلى ذلك معركة ذوقيّة بالأساس، ولأنها ذوقية فهي رمزيّة، ومن ثمّ فهي لغوية، إذ إنّه سجين تعابير شفوية ومكتوبة لا جديد فيها ولا عمق ولا جمال.
المعجم الذي تستعمله آلة الانقلاب سطحيّ سمج، بل قبيح. وجميع أعوانه ذوو ضحالة فكرية تترجمها ضحالة لغوية تهدّد كلّ ذوق سليم، فكأنّهم يتنافسون القبح يحتكرونه مثلما يحتكرون كلّ شيء.. فهم لا يسبحون خارج المياه الضحلة.
ثمة، في كتيبة الانقلاب، نزعة واضحة لقتل كلّ جميل حتّى في استعمال المفردات.
الأخطاء لا تجوز على الحاكمين كما تجوز على المحكومين.. المحكومون يردعهم القانون. أمّا الذين يحكمون فلا شيء يردعهم فإن هم أخطأوا كانت الكارثة. فعليهم، على الأقلّ، أن يقلّلوا من الأخطاء ما استطاعوا، فإن لم يستطيعوا اجتنابَ خطأٍ ممكنًا عمّ من أخطائهم الفساد.
وصف المرأة التونسية في عيدها بأنّها نافورة غير لائق بها ولا باللغة العربية ولا بتونس التي ترفع مقام المرأة.. يكفيك أن تترجم المركّب الوصفيّ "المرأة النافورة" إلى اللغة الفرنسيّة لتتأكّد من إحالته الأيروسيّة.
فهل يكون الأمر مقصودا لمزيد تهشيم المهشَّم من منظومة القيم؟ إذا ادّعينا نسبتَهم إلى الذكاء قلنا قد قصدوا، وذلك سيّء، وإن نسبناهم إلى ما عرفنا عنهم قلنا: لا يليق بتونس أمثال هؤلاء.
لا أظنّ ضيقًا باللغة العربية يحول دون وصف المرأة التونسيّة وصفا يليق بها، ولكنّ السماجة والفجاحة والسطحيّة وخفّة العقل وفساد الذوق والفقر اللغويّ، كلّها جعلت من تونس موضوعا للسخرية والإضحاك.. وستظلّ تونس كذلك ما بقي الانقلاب جاثما عليها.