هذا هو السّؤال الأهمّ الذي خرجت به من زيارة إلى معرض كتاب فقير حسّا و معنى.
سؤالي موقعه موقع قارئ حريص أن يستهلك بضاعة جيّدة و يرى يقينا أنّ ذلك ممكن.
ملاحظة أولى:يوجد بؤس أهلُ المعرض غير مسؤولين عنه،هو بؤس المنتوج الذي تقدّمه معظم دور النّشر العربيّة:الكتب التّراثيّة خالية من الجديد المحقّق(=طبعات علميّة)،و معظمها نسخ تجاريّة رديئة.و الكتب المعرّبة،فضلا عن قلّتها و عدم مواكبتها للجديد،مشكوك في أمانة التّرجمة في العدد الغالب منها.
ملاحظة ثانية:"و إنت وينو كتابك؟"…هو الشّعار.و هو أصدق ما في المعرض لأنّه يكشف تماما نضوب الخيال و الشّعبويّة التي تظنّ أنّها إذا تكلّمت بالعامّيّة(عامّيّة جزء فقط من أهل البلاد) جلبت جمهورا أوسع.و الحقّ أنّ هذا الشّعار ينبغي أن يُرفع في وجوه أصحاب المعرض.لكن بغير لهجة المركز المهيمن،و إنّما بلهجة أخرى من لهجات البلاد:"ونت وينه كتابك؟".
ملاحظة ثالثة:فرنسا البؤس في مركز المعرض.أقول فرنسا البؤس لأنّك لا تشعر أنّ هناك مجهودا في عرض جديدِ فرنسا.و يبدو كما لو أنّ أحدا لا يضع شروطا على الضّيف(هل هو حقّا ضيف؟)…يعني تقريبا "إلّي تجيبه فرانسا مبروك".و الحال أنّ المتابعة بفضل الانترنت و غيرها يجعل القارئ يعرف أنّ في فرنسا-على علّاتها- ما أفضل بكثير.
ملاحظة رابعة:الفوضى و الأوساخ(في الخارج و الدّاخل) و الرّائحة النّتنة(في الدّاخل أساسا) تجعلك بعد اليأس من البضاعة الجيّدة تيأس من إمكان استهلاك أوكسجين غير ملوّث.
أخيرا…لن أجد إجابة عن سؤالي الأوّل لأنّي ببساطة لن أجد أجوبة عن أسئلة كثيرة تتعلّق باستعمال المال العموميّ في كلّ المجالات و ليس المجال الثّقافيّ إلّا واحدا منها.
من هذه الزّاوية(=استفحال الفساد):هذا المعرض يليق بتونس الماضية و الرّاهنة تماما!