كان يمكن أن تكون صورة ما يحدث في تركيا الآن في مصر ، أو في الجزائر ، أو في سوريا أو في العراق …
ضيّعنا عصر الجماهير ..
ناصر 56 ، كانت مجرّد كذبة بلهاء ، وكلّ تلك الدّعاية والتعبئة الحزبيّة ، لم تنتج سوى أفلام دعائيّة رخيصة لا علاقة لها بالواقع ... الواقع كان سجينا خلف القضبان مثل الالاف الّذين لم يحبّهم الزعيم الذي تحول إلى دولة …
جماهيريّة القذّافي ، كانت أضحوكة التاريخ ، لعنة أصابت شعبا عظيما مسالما فحوّلته إلى اسطبل كبير و قفص للفئران المصنّعة ...
جماهيريّة صدّام حسين ، الّذي دخل التاريخ بأوقح عملية تزوير ، لم ترضه ال99 بالمائة ، فسجّل في دفاتره الرسميّة أنّ الشعب قد انتخبه بنسبة مائة بالمائة ، وأنّ رعيته انتخبته بالدّماء ... انتهت بتراجيديا مأساوية ، يوم سقطت العراق كإجاصة هامدة ، ودخل الأمريكان إلى كل البيوت والمخادع ، دون أن يعترض سبيلهم ولو كلب ينبح عليهم ... غاية ما قدر عليه العراقيون يوم 9 أفريل 2003 ، يوم سقوط بغداد ، هو أن يغنموا من خرائبها و مؤسساتها ومراكزها السيادية ما استطاعوا ... مشهد صادم ذبح الملايين ...
ضيّعنا عصر الجماهير ، منذ ما يزيد عن خمسين سنة ..
كان يمكن أن يكون ذلك المشهد التركي الآن في بلد من بلدان الحزن العربيّ …
يقتلني الإحساس بالمهانة ... والغيرة .. والحسرة ... والغربة ..
حتى ربيعنا ، حولوه إلى رماد فوقه رماد تحته رماد ...
" ليت الفتى حجرُ …
يا ليتني حجرُ! "