حكومة الموت الرحيم ، أم حكومة اللوالب الفاسدة

Photo

يدهشني كثيرا من مازالوا يتصورون أنّ هناك حكومة ممكنة ، سواء كانت حزبية أو تكنوقراط أو وحدة وطنية أو خليط من هذا وذاك ، يمكن أن تجلب السعادة لهذا البلد الحزين ... أيّ حكومة في ظلّ ما تعيشه تونس من أوضاع داخليّة وإقليمية ، لا يمكن أن تكون ، في أحسن الأحوال ، وبالضرورة إلاّ حكومة الموت الرّحيم…

عندما يكون الطّبيب أمام حالة ميؤوس منها ، فإنّه سيتركه تحت الرّعاية الطبية ليساعده على الموت الرحيم ، هذا إذا تعامل معه بإنسانية …

في الحالة الثانية ، إذا كان الطبيب سمسارا صحيا يشتغل في إحدى مصحات اللوالب الفاسدة ، فإنه سيحتفظ به أيضا إلى آخر لحظة ليبتزّ منه أكثر ما يمكن ويثقل الفاتورة على أهله المنكوبين ، سيستفيد من موته بالكامل كما يستفيد من حياته…

يعني حكومتكم ستكون إمّا حكومة الموت الرحيم ، أو حكومة اللوالب الفاسدة .

من حقّ أحدهم أن يسأل : أليس من حقّ المريض في أن يطمع في رحمة الله ؟ أما من أمل في الشفاء ؟

الجواب ، مع كلّ أسف : لا أعتقد ذلك ...

لأنّ هذا المريض الذي أمامنا لا يحتاج فقط إلى دواء ، ولا يمكن أن ينفعه الدواء ، إذا وجد أصلا مادام يدمن على الاستهلاك المرضيّ الجنونيّ ، و التّواكل ، والغنائميّة في التعامل مع بلده حيثما كان ، والسكوت عن الحقّ ، ودفع الرشاوى والشكوى من الرشاوى ، وتقديس كل ظواهر الفهلوة وتخديم المخّ وبيع القرد والضحك على شاريه …

هذا شعب يعيش ليومه ولا يعيش لغده !!!

التركيز على الحكومة ، وتصوّر أنها قادرة على تغيير شيء ما ، هو فعلا مدعاة للضحك الأسود
كلها حكومات محكومة ، محكومة بشروط الواقع المتوقف عن الحركة والدوران وبشروط العرابين والرعاة والداعمين وأصحاب المصالح الحقيقية الكبرى في هذا البلد لا تنتظروا حكومة أنبياء وأولياء صالحين ،

وحتى إن وجدت ، فستكونون أنتم أول من يرجمها …

اللعبة وما فيها ، سيفهمها الكوارجية أكثر من غيرهم : كلّما ساءت أمور الفريق و سدّت أمام المسؤولين جميع الطرق ، يغيّرون المدرب وطاقم الإشراف لامتصاص غضب الجمهور و إيهامه بأنّ هناك تغيّرا قادما وسوف يحلّ المشكلة .. لعبة نفسية قديمة ، لكنها تؤتي أكلها دائما ، و يقتنع الجمهور لأنّه في أفق تصوره يعتبر أنّ ذلك هو الممكن الوحيد لمعالجة الموقف ، وليس أمام المسؤولين أي سبيل آخر …

وتدور العجلة …

سنصبح مواطنين يحق لهم الحديث في السياسة ، يوم نثبت لهم أننا لسنا جمهور ملاعب وفيراجات …

في الانتظار …

نبّروا على سمير وماجدولين و البريكي !!!

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات