تبتدئ الحكاية الإفريقيّة الجميلة بملك و شعب. الملك ظالم و قاس. و الشّعب مغلوب على أمره.
طبعا هذا النّوع من " التّوازن " قد يستمرّ دهرا و يرحي كطاحون خرافيّ أجيالا و أجيالا.
الملك صاحب المواهب المتعدّدة في قهر غيره كانت له نزوتُه الأحبّ إلى قلبه: تخصيص المنكوبين بشيء من الذّكاء بالكثير من البلاء.
يوما ما، و هو يُمارس لعبتَه، بعد أن استخفّ قومَه، سأل الممتحَن، و كان رجلا عاقلا، معروفا بغزارة المعارف: أنتَ، أيّها المتبجّح بالمعرفة، قل لي: صوت النّاقوس من أين يصدر؟ من الجهة الإسطوانيّة أم من المدقّ الذي يدقّها؟
كان السّؤال، ككلّ بذاءات الملك، قدّام النّاس جميعا. و لمّا أجاب العاقل بكون الدّويّ يصدر عنهما معا، كان الملك جاهزا للاستمرار: حدّد بدقّة نصيب كلّ واحد منهما…
يمكن للعبة كهذه أن تستمرّ طويلا بغضّ النّظر عن جوابات العاقل. أو لعلّ تلك الجوابات هي الوقود الذي تستمرّ به.
لابدّ من حماقة ما كي يتغيّر شيء ما في البحيرة الرّاكدة.
ههنا تأتي الحكاية الإفريقيّة برجل تقول إنّه مجنون، يشقّ صفوف النّاس العاطلين عن الفعل الغارقين في المشاهدة...يذهب هذا الرّجل رأسا إلى الملك قائلا: المُجيب عن سؤالك يجب أن يكون ذا عقل مخبول. و أنا مَن سيشبع فضولَك.
" آنذاك رفع ذراعَه، و وجّه للملك صفعةً كانت من القوّة بحيث سمعها كلُّ من في القرية. ثمّ انفجر ضاحكا: ماذا ترى أيّها الملكُ! عن كفّي أم عن خدّك صدر الدّويُّ؟ و بأيّة نسبة؟ "
تنتهي الحكاية بحكمة عميقة، هي صوت العقل و قد أدرك ما يُحدثه الجنون من فرق:
" غالبا ما يلزمُ أحمق لتربية طاغية "