استمعت مساء اليوم إلى برنامج:"قال الراوي"... على الإذاعة الثقافية. ضيف البرنامج كان شكري المبخوت، وقرأ قصّة قصيرة من مجموعته الصادرة أخيرا بعنوان : "حظّك اليوم"…
لن أتحدّث عن لغتها الفقيرة الباهتة المستهلكة، وقصورها الكلّي عن الايحاء والمباغتة والتشويق، وسقوطها في المكرور اللّفظيّ والقوالب المدرسيّة الجاهزة والعجز عن تحقيق بناء درامي للشخصيات وووو … باختصار .. كانت عبارة عن إنتاج كتابيّ بمستوى ما يتعلمه تلميذ جيّد من تقنيات الكتابة حتّى السنة السّادسة، ولا تزد عن ذلك.
قلت إنّني لن أتكلّم عن كلّ ذلك، وإن خيّل إليكم أنّي تكلّمت…
سأتحدّث عن شيء آخر يجعل أمثال هؤلاء عبيدا صغارا لأحقادهم مهما حصدوا من الجوائز وفرش لهم السّجّاد الأحمر وفتحت لهم كلّ أبواب المجد الاصطناعيّ المغشوش…
بطل القصّة سي عبد الجبّار الكبيّر، إسلاميّ، في بداية التسعينات ، انقلب على نفسه، فعل المستحيل كي يحوز ثقة النّظام وينخرط فيه ، ضعيف المستوى والتّفكير ، اشتغل بالصحافة، وبدأ نجمه يسطع بكتابة التقارير في زملائه ورفعها إلى عبد الوهاب عبد الله والتلحيس للتجمع، نال ثقة الرئيس فعينه رئيس تحرير للجريدة الأشهر في البلاد، وووو… ولن تجدوا صعوبة في تخيّل باقي الأحداث، و تصوّر أيّة معلومات أخرى وتشويهات معلبة جاهزة من خزائن عقل تافه سخيف بلا أيّ إبداع أو اجتهاد…
الحقيقة أنني قرأت روايته المتوجة "الطلياني" … وكان لي فيها رأي لا يبتعد كثيرا عن تقييمي لهذه القصة القصيرة .
غير أنّ التّضمينات السياسية والايديولوجية المفضوحة والمقلوبة ، فيما سمعته اليوم ، كانت مقزّزة إلى درجة تدفع إلى اليأس من أن يقوم أمثال هؤلاء بأية مراجعات، أو يشفوا يوما من دمّالة الإسلاميين التي نبتت في قلوبهم، ولم تنفكّ تنزف منذ عقود، قيحا وسمّا وصديدا.
هذا مثال عن الكتابة الكاذبة الحاقدة الساقطة فنيا وأخلاقيّا وإنسانيا… حين تستعمل قلمك لتزييف التاريخ وتشويه الواقع، فأنت مرتزق برتبة كاتب، ليس إلاّ …
هناك قيم ، فقدتها، فلن تكون في هذه الدّنيا أكثر من كلب مسعور، مهما ادّعيت لنفسك أو ادّعى لك المرجفون من التّحضّر أو الاختلاف.
للأسف ، كيما قال الجريدي:
" الحوش حوشي والتّلفزة تلفزتي… وأنا حرّ …نكذب عليهم كيما نحبّ "