" الذي مات هو القاتل "

Photo

تلك الليلة لم يكن أجمل من سهام سوى أمّهات الشّهداء ولم يكن أجمل من أمهات الشّهداء سوى سامي وجلبار.. ومن أتى بعدهم..
ولكنّ " النّخبة " شاءت ، كعادتها، أن تطلق سهامها على أجمل ما فينا..

" تنتفض تهتزّ تركض تهرول تعوي تولول تسقط تنهض تزحف لا ترى لا تسمع لا تتذكّر لا تفكّر تهلوس تجنّ تئنّ تضلّ تقلّ تجهش تشهق ما تلحق تدمى.. ويغمى عليها.."

كان تخبّطها كبيرا أمام الحقيقة القاتلة و كانت السّهام العشوائية تصيب الجميع هنا وهناك:

" سمعتو وريدة تهدد على المباشر قالت اولادنا عندهم السلاح وانجموا يحرقو الأخضر واليابس والنَّاس تنوح عليهم.. ياخي هوما تعذبوا على خاطر تونس ماهو باش ينشرو فكرهم الظلامي "

هكذا كتبت إحدى المرعوبات من الحقيقة

***

للحقيقة أيضا جرحاها.. وقتلاها

***

تلك الليلة

كانت الحقيقة أنثى مجازيّة: وريدة

وكانت الحقيقة رجلا مجازيا: سامي

وكانت الحقيقة مثقّفا مجازيا: جلبار

وكانت الحقيقة مكانا مجازيّا: قاعة عليسة حيث كانت حاكمة قرطاج تكتب تاريخ الزور والعنجهيّة.

تحرّر المكان والزّمان والتّاريخ.. تحرّر الإنسان

وكانت الحقيقة: سهام..

سنديانة لا تطالها السّهام

***

تلك الليلة كانت

" الحقيقةُ بيضاءُ ناصعةٌ

حين تمشي الضحيِّةُ

مبتورةَ القَدَمَيْنِ

على مهلها "

كانت الحقيقة بيضاء ناصعة رغم سواد ثوب الحداد على الشّهيد

كانت بيضاء كقلب سامي الذّي يريد أن يغفر لجلّاده.. لو اعتذر

كانت بيضاء ناصعة.. كشهادة جلبار نقاش اليساري الأجمل

كان الضّحايا يتحرّرون من الجلّاد ومن الأوهام ومن الألم

كانوا يمدّون أيديهم للصّفح

وكان الجلّاد يلقي السّهام.. يريد مزيد القتل

***

من الذي مات؟ من الذي مات تلك الليلة؟

" الذي مات هو القاتل " !!!

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات