كاسترو منّا، وكوبا ليست بعيدة

Photo

لطالما حيّرني ذلك الولاء الغريب، من مثقّفي شعوب مقهورة، لحكّام متسلّطين، قيل إنّهم وطنيّون قادوا ثورات ضدّ الامبرياليّة والكولونياليّة، وكان العنوان الأبرز في حياتهم: مقاومة الاستعمار...

عن جمال عبد الناصر أتحدث، وعن صدّام حسين، وعن كاسترو... عقلي البسيط لم يستطع يوما أن يفهم معادلة كهذه: لقد كان ديكتاتورا سفّاحا ... لكنّه أحبّ بلده وحارب الاستعمار، ولذلك أحببناه…

يا إلهي... أيّة سيرياليّة هذه؟؟؟

يا حبيبي حاربت الاستعمار من أجل من؟، إذا كنت في النّهاية ستستعبد شعبك وتسحق كرامته وتسرق ثروته وتؤخّره عن عصر الإنسان زمنا ضوئيّا…

وهل البلد شيء آخر غير النّاس؟

كلّ هؤلاء الزّعماء الأصنام، لا وجود لهم إلاّ في بلدان العالم الثّالث، استغلّوا قيمة من أسمى القيم، قيمة الوطنيّة، واتّخذوها شعارا وغطاء ليستعبدوا الناس ويملكوا عليهم مصائرهم… ولأنّها شعوب ساذجة ومتخلّفة وبلا يقين، صدّقت أكذوبة الثّورة، وصدّقت إعلام الدّعاية الشّموليّة الحاكمة، وخضعت لعمليّات غسل الدّماغ الطّويلة المعقّدة، فآمنت بجلاّديها كما تؤمن بالأنبياء، وعبدتهم وصنعت لهم مجدا وتاريخا وملاحم، ثمّ انتهوا إلى مزابل التّاريخ، وتركوها في مزابل الحضارة…

لن تجد أمرا كهذا في ألمانيا ولا في إيطاليا ولا في إسبانيا، رغم أنّ هتلر وموسوليني وفرانكو حاربوا العالم بنفس الحجج: أنّهم يحبّون بلدانهم ويسعون إلى مجدها…

الشعوب التي ذاقت عسل الحرّية، لم تمجّد أيّ ديكتاتور، مهما ادّعى أنّه فعل ما فعل من أجل البلد …

وحدها الشّعوب التي لم تعرف نعمة الحرّيّة، ولم ترق إلى مرتبة الإنسان، تصدّق خرافات وأوهاما وأكاذيب كهذه…

كاسترو لا يعنيني، ورحمة الله به أو بغيره أيضا لا تعنيني…

أنا أرجو الرّحمة لشعبي ولأمّتي، من طغاة بغوا وعقروها باسم الثورة حينا، وباسم الإسلام حينا، وبأسمائهم الشّخصيّة الخالصة في أغلب الأحيان.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات