منذ مدّة طويلة، وأنا أتحاشى الحديث عمّا يحدث في حلب، وفي سوريا عموما... مثلما صرت أتجنّب، عن قصد، أن أتابع أخبارها، وأتحاشى ما استطعت، أن تقع عيناي على ما يأتي من صور وفيديوهات لا يمكن أن تكون آتية من أيّ مكان آخر، غير الجحيم…
لا أستطيع أن أشاهد ما يحدث في حلب، وأبقى إنسانا…
لا أستطيع أن أشاهد ما يحدث هناك، وأحتفظ بما تبقّى لديّ من ذلك الوهم الكبير، الّذي يسمّونه العقل…
لا أستطيع أن أتحدّث عن حلب، أو أشاهد ما يحدث هناك، دون أن أتحوّل إمّا إلى نفخة من جهنّم، أو إلى قطعة من جبل جليديّ في أقصى أقاصي الشّمال عند الحروب، تعوّدنا دائما أن نتحدّث عن الحياة والموت...
في حلب يحدث شيء آخر، شيء ثالث غير الحياة والموت، من يستطيع أن يسمّيَه؟ أو حتّى يدرك ماهيته ؟
خدعتني يا درويش،عشت أكذب نفسي وأوهمها أنّني سـ " أدعو لأندلسٍ … إن حوصِرتْ حلبُ"
لا أستطيع أن أتحدّث عن حلب، دون أن أكفر بكلّ شيء، …
لستُ بهذه القوّة يا إلهي… لأفهم الحكمة من كلّ ما يحدث هناك… أنا ضئيل وحزين وعاجز… أخبرني فقط يا إلهي: لماذا عليّ أن أحيا لأشهد نهاية الإنسان في نفسي وفي كلّ ما حولي،
• كيف أستوعب بعد حلب، أنّ هذا المارد الدّمويّ المخيف الّذي خلقته وأنزلته إلى هذا الكوكب الحزين، هو الّذي سيستخلفك؟
• كيف أصدّق أنّه يحمل نفخة من روحك؟
• كيف أعيش بخطيئة الانتماء إليه .. يا إلهي…
الحياة رحمة … والموت رحمة…
لكنّ ما يحدث هناك… شيء آخر…
يا إلهي !!!
هبنا إحدى الرّحمتين!