إضراب اليوم ( 5 جانفي 2017 ) كشف من بين ما كشف أنّ صراعات النّقابة السياسيّة والإيديولوجيّة والتّي قد لا تعني القواعد الأستاذيّة في شيء قد تصل، في ما تصل إليه، إلى تعطيل مقصود ( هكذا نعته الأساتذة في تدخّلاتهم اليوم. أنا لا أضيف شيئا. ) لتكوين نقابة في جهة معيّة وداخل مؤسّسات بعينها محافظة على القديم الذّي انتهت مدّة صلوحيّته منذ ستّة أشهر كاملة ولأنّ القوى المسيّرة أوما يسمّى ب " البيرقراطيّة النّقابيّة " لا تتحكّم تماما في مصير النّقابة الجديدة وهي لا تدري وسط تجاذبات عديدة وفوق أرض متحرّكة أيّ هيكل يمكن أن تفرزه انتخابات تريدها كسابقاتها وتريدها القاعدة الأستاذيّة جديدة وشفّافة ونزيهة ( نزيهة المبحوث عنها دائما ) ولا تعتمد نفس الآليات القديمة: تلك الورقة الصّغيرة المطويّة التي تسرّب سرّا من شخص إلى آخر وتحمل الأسماء التي ترضى عنها البيروقراطيّة وتستجيب للمواصفات التي تجعل موازين القوى دائما لصالحها وتجعل الرّضا عن الزّميل أو عدم الرّضا رهين مدى دخوله بيت الطّاعة النّقابيّة.
هو المسكوت عنه الذّي يقوله الأساتذة سرّا وأن الأوان أن يقال جهرا بعد أن طال انتظار الأساتذة بجهة الزّهراء وبمؤسّسات تربويّة كبرى لإنجاز مؤتمر لنقابة أساسيّة تمثّلهم وتدافع عنهم وتحميهم خاصّة بعد أن شهدت هذه المؤسّسات تهجّمات لفظيّة على بعض الزّملاء وصلت حدّ التّهديد.
ومن مهامّ هذه النّقابة المطالبة بتحسين الفضاءات التي بلغت حدّا من التّداعي صار فيه العمل معجزة يوميّة. وهو تداع في البنية وفي العلاقات والعقليات التي ورثت قديما كثيرا فاسدا سمح على مدى سنوات بظهور ما يروج تسميته ب " اللّوبيات " ( التسمية أيضا ليست من اختراعي. هي تروج على ألسنة كثيرة هنا ) وهي لوبيات تتمعّش من كلّ منفذ أو كوّة أو هوّة أو شقّ من شقوق البناء المتداعي وتسعى إلى الإبقاء على القديم كما هو فالهواء القديم الرّاكد يلائمها ويساعدها على الاستمرار في ممارسات وتجاوزات خلنا إنّها قد انتهت مع الحراك الاجتماعي الذي هزّ البلاد.
اليوم يريد الأساتذة تحريك بركة الماء الآسنة من أجل تعليم أفضل وظروف تعليم أفضل لأبنائنا بعد أن ترك التّعطيل المتعمّد لتأسيس نقابة جديدة خواء كبيرا. وفي النّقاشات الكثيرة التي أثيرت حول المسألة تحدّث الأساتذة عن تعطيل مقصود من " البيروقراطيّة النّقابيّة " ومن النّقابة الجهويّة للتّعليم الثّانوي الذي مثلها احد اعضائها بقوله: " الأساتذة يضربون حتّى دون نقابة.. فما حاجتنا إليها الآن؟ " ( مع العلم أنّ الإضراب اليوم يعدّ فاشلا فنسبة الحضور كانت ضعيفة جدا ).
هنا ندخل طبعا منطقة اللّامنطق واللّامعقول حيث يصبح الحديث من نقابي عن عدم ضرورة وجود هيكل نقابي أمرا سرياليّا عجيبا يثير الدّهشة والحيرة ويطرح نقاط استفهام كثيرة؟؟؟؟؟
هذه معركة داخل اتحادنا الذّي يظلّ الفضاء الوطني المدافع عن الشّرائح والفئات الاجتماعيّة على اختلافها وتنوّعها. وهي معركة مع بعض المنتمين إليه الذين لم يستطيعوا التحرّر بعد من حساباتهم الضيّقة ورؤاهم الأضيق للعمل النّقابي فظلّوا يشتغلون بنفس منطق " التكمبين " والتّآمر والتّأدلج والانقلابات الموروث. وهو منطق آن أوان الحسم فيه من أجل نقابة ديمقراطيّة حقيقيّة.
نريد نقابة لنا تمثّلنا ولا نريد نقابة تمثّل حساسيات معيّنة ولا ترجيع صدى لأحزاب تريد الهيمنة على النقابات خدمة لمصالحها على حساب التّعليم الذّي وطئته أقدام الجميع.
حين فكّرت في كتابة المقال بعد نقاشات مع زملاء اليوم قلت: هل تعلمون؟ أنا أخشى بعض " النّقابيين " أكثر من أيّ طرف آخر. بعضهم إن خالفته في " معتقده " النّقابي قادر على إيذائك بأيّ طريقة كانت..
متى تصير لدينا نقابة تحمينا ولا تؤذينا؟