وأنا أقرأ ردود أفعال بعض الحقوقيّين والسّاسة التّوانسة أو المصريّين، على موت مهدي عاكف في سجون الاحتلال العسكريّ السيساوي، شممت رائحة العهر الحقوقيّ المنافق لهذه النّخبة المجرمة…
الّذين يبدون أسفهم على شيخوخة الرّجل وحرمانه من العفو الصّحّيّ والموت في بيته بين أسرته، والّذين ينقدون السيسي بسبب الوضع المأساويّ في السّجون المصريّة، وبسبب أحكام الإعدام الجماعيّ والتّصفية خارج القانون والظّلم والاضطهاد، والّذين يطالبون بمزيد من الحرّيّات... هؤلاء جميعا عاهرون بأوراق رسميّة وشركاء في الجريمة مهما علت أصواتهم…
عندما يكون لديك نظام احتلال يأتي بالانقلاب ويغتصب البلد، نظام غير شرعيّ يقوم على جثث آلاف الشّهداء تحت جنازير الدّبّابات، تصبح القضيّة الأساسيّة هي مقاومة الانقلاب وإسقاطه وإعادة الشّرعيّة للشّعب، وليس أيّ شيء آخر...
يصبح الحديث عن الحرّيات بابا من أبواب الشّرعنة للاغتصاب، وتصبح المطالبة بتحسين ظروف الاعتقال والعفو الصّحّيّ والمطالبة بالمعاملة الإنسانيّة للمساجين، مصادقة على الوضع القائم الفاقد للشرعيّة، ويصبح كلّ ذلك الحديث يصبّ في خانة واحدة... ترك الأصل والحديث في الفروع…
الأصل هو الانقلاب...
مهدي عاكف وكلّ ما حصل أو سيحصل بعد ذلك حتّى إعدام مرسي إذا حدث، ليس سوى تفاصيل على الهامش…
الأصل هو الانقلاب… من لم يدن الانقلاب فليس من حقّه أبدا أن يدين جرائمه مهما كانت بشاعتها.. ذلك الأسلوب هو اللّعب داخل مربّع الاستبداد، ليس إلاّ.