صحيح أن حزب الله اللبناني ذي طبيعة طائفية... وصحيح أن إيران الطائفية هي التي تساعده أساسا بالسلاح...وبالموارد المادية.... وصحيح أيضا أنه ينتمي إلى حلف إقليمي بقيادة إيران الطائفية وغير الديمقراطية المتحالفة مع النظام الروسي لبوتين الاستبدادي على شعبه... وصحيح ان حزب الله ينصهر اقليميا في الاستراتيجية التي يسطرها النظام الإيراني....
وصحيح أن تاريخ هذا الحزب تتخلله العديد من الاتهامات الجدية حول انتهاكات واغتيالات ضد رموز من اليسار والحركة الوطنية اللبنانية أثناء الحرب الأهلية في لبنان وبعدها…
كل هذا صحيح…ومن ينكره ليس حرا….ولا يستحق أخلاقيا الحرية…ولو أن من حقه الانتفاع بها…لأنه يغالط بنفي حقائق تاريخية لأسباب أيديولوجية أو طائفية…
كل هذا صحيح…ولكن…ولكن…
شخصيا تعلمت منذ صغري من تجربة نضال الوطنيين التونسيين ضد الإستعمار الفرنسي…أن بوصلة النضال ضد الاستعمار… الذي خلفته الهيمنة الإمبريالية الحديثة مختلفة الأشكال العسكرية والمالية والاقتصادية والثقافية….
تعلمت أن هناك تناقض اساسي مع الاستعمار…يطغى على كل التناقضات…لأنه يتعلق بحق الشعوب في تقرير مصيرها… وهو المحدد في ضرورة التحالف الوطني ضد الإستعمار بين جميع من يناضلون ضده من مختلف العائلات الفكرية والسياسية…ولو كانت تناقضاتها جوهرية…ولكنها يجب ان تبقى مهما عظمت…ثانوية….
وهي عندما تطغى على التناقض الأساسي مع الإستعمار…فهي خدمة مجانية له…(وهذا ما حصل في فلسطين في السنوات الأخيرة مثلا…( في تونس مثلا وفي الجزائر والمغرب…إلخ…تحالفت كل القوى التي هي مع الاستقلال مهما كانت تناقضاتها… ضد الاستعمار ومن تاقلم معه…
تعلمت هذه المعطيات التاريخية أثناء دراستي الثانوية…ثم لما قرأت الكتب النظرية المتعلقة بتجارب شعوب مختلفة ضد الإستعمار فهمت لماذا وكيف…وهي كلها تجارب متشابهة…
حصل هذا في الواقع ويحصل اليوم…خلافا للتنظيرات الدغمائية ودعاية القوى السياسية المتعاونة مع قوى الاستعمار ومنها الصهيونية…ومع الهيمنة الإمبريالية الحالية… حصل هذا طيلة القرن الماضي ويحصل إلى اليوم… في تونس وفي مختلف بلدان العالم….(راجعوا تاريخ نضالات شعبنا وشعوبهم…)
وتلك الحركات الوطنية جميعا…سعت دائما للحصول على دعم مختلف الأشكال من القوى الإقليمية والدولية…ولا أحد اتهمها يوما باللاوطنية….عدى عملاء الإستعمار…
عندما أقرأ مقالات تتجاهل هذا…وتعادي حزب الله المقاوم للاحتلال الصهيوني وللهيمنة الإمبريالية الأمريكية ربيبتها…لا يسعني إلا أن أفكر ان أصحابها يتناسوا أبشع إستعمار في العصر الحالي…ويحللوا من منطلق طائفي سني…مثل بعض الاعراب عملاء الصهيونية وربيبتها الإمبريالية الأمريكية…
فعدلوا بوصلتكم….