انقلاب على الديمقراطية الناشئة بتعثر.. في الآفاق…

Photo

أعلن السبسي في خطابه اليوم بمناسبة عيد الاستقلال عن موقفه بوضوح... هو يريد بشدة إرجاع الحكم الفردي والاستقطاب الثنائي نداء/نهضة مع ما ينتج عنه من مخاطر جسيمة على الديمقراطية...وانتهاك لحقوق الناس في هذه الفترة الانتقالية التي لم تتكرس فيها الديمقراطية بعد...وتتسم برجوع ممارسات الاستبداد وعقليته في مختلف المجالات...ومحيط سياسي ومجتمعي لم يتخلص جزء مهم منه بعد من عقلية وممارسات الاستبداد…

فالديمقراطية قيمة ومبادئ حضارية...قبل أن تكون آليات...وهذا ما لا يفهمه "الخبراء" الذين استنجدوا بالسبسي...وستبين الأيام والأسابيع القادمة لماذا...واستنجد بهم وهي المبادئ والقناعات التي لم تتوفر بعد لحد اليوم لدى جزء من الطبقة السياسية...داخل السلطة وأيضا خارجها…

لقد عاشت وجربت تونس في العقود الماضية قبل الثورة...الاستقطاب الثنائي بين التجمعيين الاستئصالين والنهضة...وما اَل إليه من انتهاكات جسيمة للحقوق والحريات ولدولة القانون والمؤسسات طالت الجميع...بدون إستثناء…

تصوروا كيف سيكون تصرف التجمعيين لو عادوا للسلطة بمفردهم وبأغلبية مطلقة وعريضة في المؤسسات المنتخبة....مع ما يحمله الكثير منهم من احساس بالغيض عما خسروه...وبعقلية انتقامية...وطالما أنهم لم يستوعبوا بعد المبادئ والاكراهات الديمقراطية في هذه المرحلة الانتقالية...

المدخل الذي قدمه السبسي اليوم... هو تغيير النظام الانتخابي وطريقة التصويت على القوائم مع أكبر البقايا...الذي يعطي لكل ذي حق حقه من التمثيلية....إلى نظام أغلبي على الأشخاص الذي يعطي للحزب الاول ولو كان بعيدا على الأغلبية، عن طريق المرشحين الفرديين الذين يقدمهم ويحملون يافطته... أغلبية مطلقة وعريضة...مما ينتج عنه بالضرورة أغلبية وأقلية بين الحزبين الأول والثاني...وعدم تمثيل الباقي...وان حصل فرمزيا...مثلما حصل مثلا في الإنتخابات التشريعية الفرنسية الأخيرة…

وقد أعلن السبسي أنه استقبل بعض الدعاة لذلك...وهم من المتقمصين زورا وبهتانا صفة الخبراء...لأنهم يعرفون مآل مقترحاتهم ولا ينبهون إليها الرأي العام...كما يفعل الخبراء الموضوعين...ولأن الخبرة أمانة...والخبير لا يعبر أبدا عن رأيه الخاص كمواطن كما فعلوا...وإنما يدرس الواقع ومعطياته ويقدمها والفرضيات التي يستنتجها منه…

وناقش معهم الموضوع...وصرح انه يجب تكوين لجنة تقدم مقترحات ومشروع في الغرض…

هذا النظام وهذه الطريقة التي يخططون لها...تفضي بالضرورة الى سلطة شبه مطلقة للحزب الأول وخصوصا لرئيسة... في رئاسة الدولة ولحزبه الذي يأتمر بأوامره في مجلس النواب... مما يشبه ما كان عليه الأمر زمن بورقيبة وبن علي....

لان الأقلية لن تتمكن من فرض توافقات كما يحصل الآن... وخصوصا وأن حزب الأغلبية المرتقبة منظم على الطريقة التجمعية وبعقليته وبممارساته.. وهو لم يعقد حتى مؤتمره الأول بعد سنين من تاسيسه...بما يدلل على مدى "ديمقراطيته"…

وهذا يفضي أيضا و بالضرورة الى تهميش كل القوى الديمقراطية والتقدمية المتمسكة بالدستور والدولة الديمقراطية في المؤسسات المنتخبة...ويحول دون تمثيلها فيها حسب حجمها الحقيقي في المجتمع...وتمثيل المواطنين الذين اختاروا التصويت لها....

وتبعا لذلك يفضي إلى تهميشها في المشهد السياسي والإعلامي... والمعارضات هاذي قاعدة تشخر…

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات