الأفكار الاستبدادية التي تركها لنا بن علي ويروجها الكثير بقصد أو بدونه...كثيرة... من بينها ما يروجه البعض بالإدعاء أن الديمقراطية المحلية (المسماة قانونا وفي الدستور لا مركزية)...ستقسم البلاد وتأجج الجهويات...إلخ من الترهات…
هؤلاء لم يفهموا بعد أن كل ديمقراطية عصرية اعمدتها القاعدية هي اللامركزية...
ولو نظروا حواليهم لاكتشفوا ان كل بلاد ديمقراطية اليوم في العالم مؤسسة على اللامركزية...بدون استثناء…
وهؤلاء فوق لكل ينظرون لأن الشعب التونسي متخلف... وإن تمتع بالحكم المحلي سيقسم البلاد..ويفرق وحدتها فيقدمون النصائح والفتاوى له ضد اللامركزية....
لأنهم يعتقدون أنهم أذكى منه...وهم الساهرون على وحدته ضد العبث بها من طرفه.... أكثر من هذا التواضع وهذه النرجسية الدغمائية صعيب جدا...من طرف هؤلاء الوعاظ الجدد…
هؤلاء لم يفقهوا لحد الآن مع الأسف أن الأنظمة الاستبدادية التي يمارس فيها الحكم الفردي....هي وحدها التي تعادي اللامركزية... لأنها تعطي جزء من السلطة للهياكل المحلية المنتخبة التي تمثل الشعب...مثلما تمثله السلطة المركزية المنتخبة في الجزء الباقي...وعادة ما يكون الأهم…
ولم يفقهوا بعد المبدأ البسيط في الديمقراطيات...والذي بدونه لن تكون... والقائل بأنه لا يمكن إيقاف استبداد سلطة إلا بواسطة سلطة أخرى…
ويتكرس ذلك عمليا بتوزيع الصلاحيات بين السلطات المركزية من جهة أولى...وبين السلطات المركزية المنتخبة والسلطات المحلية المنتخبة...من جهة أخرى... كل ذلك في علاقة ينظمها الدستور والقانون...وتسهر المحاكم على احترامها من الجميع....
مع الأسف هذه بديهيات مجبور على أن أذكر بها...خصوصا بعض الذين أعتقد أنهم ديمقراطيين...ولكن ضاع بهم السبيل في الموضوع…
وأذكرهم بالأصل...الشعب هو صاحب السيادة...دون سواه...ونحن ننتمي إليه...ولسنا فوقه او متعالين عليه…
يرحمكم الله…