تحدثنا فيما سبق عن مفهوم العولمة والمحنا إلى خطورة الحرب التي تشنها العولمة على واجهات عدة منها على سبيل المثال الواجهة الاقتصادية والسياسية والعسكرية …
واليوم نركز باذن الله على الواجهة الثقافية التي لا تقل أهمية عن ما ذكرنا سابقا من واجهات عدة تتخذها العولمة كمشروع عدواني على الدول النامية أو تلك التي هي في طريق النمو أو حتى بالنسبة لدول صديقة متقدمة. أنه الكبرياء الامريكي والإمبريالية العالمية التي تريد أن تسيطر على الحضارة في العالم المعاصر تتخذ لها حصنا حصينا وتتأله على الدول الأخرى الصغيرة والضعيفة.
إنه الاستكبار العالمي في احلى معانيه وتجلياته يضع الكل في سلة واحدة يقرب المسافات ويقضي على الخصوصيات الثقافية الشعوب المختلفة. إنه يبحث عن السيطرة بالتجميع أنه يخضع الكل للجزء والجزء الكل.. لكي تستطيع العولمة فرض رؤيتها الاقتصادية والسياسية تستخدم القوة العسكرية الضاربة والسلاح الثقافي الناعم.. إنها بكل بساطة تصنع ادوات العولمة الثقافية وأساليبها الماكرة.
لا يمكن الوصول إلى عولمة الثقافة اصلا لان الثقافات متعددة تتسم بالتنوع وذلك سر بهجة الحياة وهي مرتبطة بتاريخ الشعوب وتقاليدها المتعددة.. أن الثقافة ليست كما بضائعيا يمكن استهلاكه على مراحل أو جرعة واحدة إنها لبوس فكري عقدي حضاري سلوكي يصعب نزعه ولبس شيء آخر في لحظة معاصرة بغية التمدن..
إن الشعوب لها تاريخ وانتماء ودين وعقائد وتقاليد وانماط حياة وسلوك وفنون وآثار لا يمكن للعولمة أن تضغط على الزر لتمحيها وترسخ ثقافة جديدة مهما بلغت هذه الثقافة الجديدة من تمدن ومعاصرة. لذلك تحاول العولمة صناعة الادوات التي تقصر المسافات بين الدول لجعل العالم قرية صغيرة. وتمكنت فعلا عبر شبكة الإنترنت من خلق لوجستيك الاتصالات المتطورة والسريعة ثم خلقت منظومات لمعالجة المعطيات وانساق وتطبيقات إعلامية ومعلوماتية كبيرة ثم انتبهت إلى ضرورة التواصل الاجتماعي فاوجدت شبكات التواصل الاجتماعي مثل فايسبوك ولينكد ان وواين وانستغرام ويوتيوب وتويتر وقوقل بليس...الخ كل هذه وغيرها كثير لا يحصى ولا يعد مجموعة من البرمجيات المتطورة التي يقع استخدامها اليوم لربط العالم بعضه ببعض…
بطبيعة الحال لا يمكن أن نكون اغبياء الى حد التصديق بأن الاستخدام المجاني بين قوسين لهذه المنظومات هو لوجه الله تعالى وصدقة جارية.. أنه تعبيد الطريق لخزن المعطيات الخاصة للأشخاص وطرق تفكيرهم وسلوكياتهم ومواقفهم الفكرية والمذهبية والسياسية والثقافية والجنسية والجنائية والحقوقية والفنية والعسكرية والمعلوماتية من أجل استخدامها فيما بعد عن طريق تطبيقات ذكية تستخدم الذكاء الاصطناعي من أجل تمرير الحرفاء أو بيع سلع أو تنمية موارد أو بث فتن أو اسقاط زعماء أو أضعاف اقتصاد دولة أو دفع عجلة التنمية في دولة أخرى حليفة أو مقاطعة بضائع أو تشويه سمعة أناس شرفاء أو بث اشاعات مغرضة يعني بصورة أوضح بث السم في الدسم من أجل اغراض معينة...ورسم تكتيكات معينة وخزن معلومات هامة في أبسط الحالات....
أنه التدمير الأخلاقي الذي يعقب بث الأفكار والسلوكات الغريبة وكسر الحدود والتابوات وخلق اجيال يقال انها متحررة من الدين ومن العوائق التي تحول بينه وبين التحرر المطلق من كل القيود فتصبح المثلية نجومية ويصبح الصهاينة أنبل خلق الله وتصبح امريكا راعية العدالة العالمية أنه باختصار قلب لكل المفاهيم والأعراف تحت عنوان العولمة الثقافية وحقوق الإنسان فلا يستطيع الكبير أن يربي صغيره ولن يستطيع المعلم أن يضغط على تلاميذه قصد تصويب سلوكهم ولن يستطيع زعيم دولة أن يعمر كثيرا في السلطة لبناء شعب..
انها الفوضى الخلاقة بأسلوب ثقافي معلوماتي استخباراتي لعين أن العولمة عبر الثقافي هي عولمة عبر الانترنت والشبكات أن شياطين هذا العصر يسمون فايسبوك ويوتيوب وتويتر وانستغرام وقوقل و...ووو
إنه الاستكبار الثقافي حيث تجمع المعلومات وتعلب في صناديق وايموتيكونات وصور وفيديوهات.. أنه العالم الغريب الذي أصبح صغير الحجم فضاقت الآفاق الإنسانية الشاسعة وحضر فكر واحد وذوق واحد وثقافة استهلاكية مقيتة لعنة الله على العولمة .
يا ايها الانسان أفق من سباتك فإنك إن واصلت النوم باعوك بعد أن يقسموا اجزائك تقسيما لعبنا فتصبح بحول وقوة العولمة مجرد صورة وبروفايل....