مشروع حقيقي تأخرت الأمة في إنجازه : كيف لنا أن نخرج من واقع التخلف الحضاري؟

Photo

كيف قبعنا سنين عددا في وضع مزري على كل المستويات : الثقافية..الاجتماعية..الاقتصادية ..والسياسية…

١- على مستوى الثقافة لم نرصد اي مشروع ثقافي وطني نابع من جوهر الأمة..كل المحاولات تكرار وتقليد أما لثقافة الغرب التي وان لزم التفاعل معها ولكن التفاعل يعني التأثير والتأثر من الجانبين لكن ما حصل ويحصل هو تأثر من جانبنا وأما تكرار لثقافة السلف دون انجازات وابداعات جديدة تذكر..

٢- على المستوى الاجتماعي لا نفهم الى اليوم لماذا نواصل غرس رؤوسنا في الرمل دون الإنتباه إلى الصدمات الكهربائية التي تعاني منها مجتمعاتنا البالية والتي يغيب فيه الصدق الاجتماعي وقيم العمل والإتقان والاحترام والنسق والتفتح ويسود فيها النفاق الاجتماعي والكذب والخداع والسكيزوفرانيا..وغيرها من تفكك الأجيال وقريبا تفكك الأسرة لغياب مشاريع اجتماعية علمية …

٣- على المستوى الاقتصادي يسود تفقير الشعوب لحساب طبقات انتهازية وصولية مع تأييد الجهل والغباوة الشعبية وعدم بروز مظاهر تنمية حقيقية في بلداننا لغياب استراتيجيات واضحة المعالم ولسيادة الاقتصاد اليومي ..والجري وراء لقمة العيش دون النظر إلى بعيد وعدم أخذ موقف عربي من العولمة الاقتصادية وبقائنا في العراء اقتصاديا نظرا لغياب سوق وعملة عربية مشتركة وعدم تيسيير التبادل التجاري ومحق الحدود..

٤- على المستوى السياسي يسود الاستبداد بأشكاله المختلفة لغياب الأحزاب القوية ذات التقاليد السياسية وسيادة منطق التوريث في الحكم وفي الأحزاب المعارضة الكرتونية ايضا. تغيب الممارسة السياسية لعدم التدرب عليها ولأن الأحزاب والمفروض أن تدرب الناس على السياسة وممارسة الحكم المحلي كانت ولاتزال حوانيت تجارية رخيصة.

حتى بعد موجة الثورات العقيمة لم تنتج نهجا سياسيا جديدا بل عادت المنظومات القديمة الفاسدة من جديد لتؤبد الوضع الكارثي.

هذا على مستوى الواقع الحالي فإذا عدنا الى التاريخ المعاصر وجدنا أن آبائنا لم يفعلوا غير تخفيف حدة الاستعمار ومحو آثار العدوان ولم يفعلوا اي انجاز آخر.

أما إذا عدنا بعيدا في التاريخ وجدنا أن تاريخنا حافل بالمتناقضات واستبداد الرأي والتكفير واضطهاد الفكر المخالف وان فهمنا للدين كان فهما ارتودوكسيا لا ينبض بأية روح وان تاريخنا أكثره مزيف وسادته التحريفات وكتبه المنتصرون منذ الفتنة الكبرى مرورا بالدولة الأموية فالعباسية .....الى الدولة العثمانية وما صاحب التوسعات من ظلم وقهر وغنائم وقتل وتشريد وانتهاك لحقوق البشر باسم الدين والدين منها بريء.

لابد من أجل إحداث قفزة نوعية حقيقية من إعادة فهم التراث وتفعيل المنارات العقلانية والعرفانية فيه بحيث يكون الهدف الأساسي إزاحة الغبار عن الحقيقة التي طمست عبر التاريخ وارجاع الحق لأصحابه. وإعادة إبراز مكامن القوة فيه من أجل إعادة صياغة مشروع حضاري حقيقي تأخرت الأمة عن رفعه ولابد لهذا المشروع أن ينخرط في أهداف الانسنة بحيث يكون اكله وثماره لصالح الإنسانية جمعاء.

هذا المشروع الذي نرفع رايته الان وقبل فوات الأوان يرتكز على مراحل ثلاثة مرتبطة ببعضها ارتباطا عضويا وهي مراحل الانشراق ثم الاستغراب ثم الانسنة.

١- مرحلة الانشراق اسميناها هكذا لتميزها من مشروع الاستشراق والذي كان هدفه الأساسي دراسة الحضارة والتراث العربي والإسلامي من الخارج من أجل اكتشافه ونقده أو تحريفه أو استخدامه أو توظيفه توظيفا مصلحيا لصالح الخارج الحضاري وقد كان رواده من فلاسفة وعلماء الغرب هدفهم ضربنا من الخارج في أكثر الأحيان.

يكون اذا مشروع الانشراق اكثر انتماء للهوية العربية والإسلامية من أجل النقد الذاتي واكتشاف مدى هواننا وضعفها وكيف اننا عبر تاريخنا ساد الاستبداد والفتن الكثيرة والصراع على السلطة وضرب الفكر التنويري وتكريس مدرسة واحدة هي مدرسة السنة...اسميناه انشراق لأنه دراسة الشرق من داخل الشرق في حين أن الاستشراق هو دراسة الشرق من خارجه وليس من داخل نسيجه الحضاري. فإذا كان الاستشراق يتهم باللاوطنية يكون الانشراق وطنيا ونقدا لاذعا وجلدا ذاتيا نكتشف فيه مواطن ضعفنا وخورنا.

٢- مرحلة الاستغراب وهدفها رد الغرب فكريا على حدوده الطبيعية بعدما انتهك حدودنا الفكرية والحضارية والجغرافية الخ. يكون الرد الطبيعي عليه باكتشاف قيمه الزائفة وتعرية حضارته المزيفة وكشف خوره وخطورة العولمة على المجتمعات البشرية وكيف أنها تقتل الخصوصية الثقافية والحضارية الشعوب بعدما تقضي على سيادتها الاقتصادية والاجتماعية.

٣- مرحلة الانسنة انها النتاج الطبيعي النقد الذاتي بداية ثم وصولا إلى نقد الآخر تتبين فواصل فعلنا الحضاري الآتي ونتلمس ملامح مشروعنا الذي يكون من هذه الزاوية حضاريا بامتياز وانساني الابعاد يلعب فيه الفهم التقدمي للدين الإسلامي الذي بطبيعته يعلن هيمنته على الكتب الما قبلية دورا طلائعيا بعدما ننزع عنه الزيف والوهم والبؤس الذي أحاط به وتكشف مدى التحريف التاريخي لنص الحديث النبوي والتحريف الفهمي للنص الإلهي الذي بسببه قبعنا في مزابل التاريخ لمدة طالت.

اعاننا الله وإياكم على بلوغ القصد فهو المنتهى وعليه التوكل ومنه التوفيق.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات