المسلم بين النمطية والثورة على المألوف

Photo

لعل العصور الماضية التي عاشتها الأمة الإسلامية من تخلف واستعمار وجهل وتفشي الشعوذة وسيادة الفكر الانغلاقي وعدم بروز أي مظاهر تغيير أو تجديد فكري أو ملامح مشروع حضاري صبغ هذه الأمة بنوع من النمطية على كل المستويات:

- فعلى المستوى العقائدي ساد منطق اصول الدين واصول الفقه ليلغي اي تغيير في تلك الأشياء التي اعتبرت أصولا فمثلا ساد منهج الامام الشافعي في إكساب ما سمي بالسنة رتبة عالية تأتي بعد القران كنص له رفعة ولم ينتبه هذا المنهج أنه يؤدي ضمنيا فيما بعد إلى إغلاق الأبواب على كل تغيير فكري جذري لأنه يأسر الفكر ضمن منظومة النص الديني ولا يقحم الواقع المتغير كعنصر فعال في احداث التغييرات المفاهيمية اللازمة لتمكين الأمة من العيش والتعايش مع الواقع الجديد الذي يتسم بالتكنولوجيا والعلم والثورة الصناعية…

أن الخلط بين النص القرآني المبهم والمجمل والذي في طياته المحكم والمتشابه مع النص النبوي يجعل من الصعب التفريق بين الكلام النبوي الديني والكلام النبوي البشري اي يخلط بين الديني والمدنية. وعليه يصبح من السهل على السلطة السياسية التاريخية احداث نصوص تشرع لديمومتها ودسها في الحديث النبوي لإضفاء الشرعية على حاكم جائر ضمن مقولة طاعة أولي الأمر أو لدفع وعاظ السلاطين على تبرير وتمرير فكرهم اللاشعبي.

أن نظرة إلى الفترات الاولى من التاريخ الاسلامي تبرز أن دين التوحيد سرعان ما وقع الانقلاب عليه بعد وفاة الرسول من بني أمية لتمرير واستعادة رأيه دين الاصنام دين الشرك: ذلك الدين الذي يشرع لتعدد الآلهة بتعدد الاصنام ونراه اليوم يأخذ أشكالا متجددة من دين للجنس والإباحية ودين لراس المال المتكبر تحت عنوان العولمة ودين للاستبداد السياسي تحت عنوان مجلس الامن ودين للاستبداد الاعلامي تحت عنوان وكالات الانباء العالمية ودين للسيطرة المعلوماتية بفضل الانترنات وقوقل وغيرهم من الأصنام ...تعددت اشكالها والشرك واحد..

-على المستوى الفكري لم يظهر أي مشروع جديد يكون تابعا من خصوصيات هذه الأمة فأما نادى المثقفون بإعادة ونقل تجربة الغرب داخل نسبجنا الاجتماعي برفض التراث ووصمه بالرجعية والتخلف وأما نادوا بالارتماء في احضان الماضي والبكاء على الاطلال وتقديس التجربة النبوية واكثر من ذلك تقديس تجربة الخلافة وحتى ما بعدها إلى حدود الدولة العثمانية التي ساد فيها الاستبداد العرقي ضد العرب.

وأما تجربة زائفة لدول تسمي نفسها بالوطنية أو القومية وهي تجارب تخلو من العقلانية وتعيد تكرار تجارب فيها من الشوفينية العنصرية ومناقضة الفكر الإنساني وغياب الديمقراطية وسيادة الحزب الواحد والفكر الواحد وانتهازية الجيش.

وأما فكر نظري يدعو الثورية وحقوق العمال بفكر عمالي منقول من بلاد غير البلاد ومن شعوب غير الشعوب يقع من خلاله القفز على واقع الشعوب والدعوة الانحلال والفوضى باسم الثورية ونسي هؤلاء أن الثورة الحقيقية تكمن في الدين وتنبع منه ولا تتناقض معه وان الدين الاسلامي ينبوع ثوري لا ينقطع عن المد والعطاء بشرط الاستلهام منه وتفجير ينابيعه…

- على المستوى الاجتماعي سادت الفرقة وغاب دور الفرد واضمحل في المجموعة وطبعت الأمة الإسلامية بواقع غريب من التشتت بين شيعة وسنة ومعتزلة وخوارج ومتصوفة..هناك من دعا إلى استخدام العقل كالمعتزلة ولم ينجحوا في احداث قفزة نوعية لانحصارهم في مواضيع غير مؤسسة للمجتمع وانما ممعنة في فكر فلسفي ينزلق الى مواضيع مثل خلق القرآن أو الحسن والقبح أو….

بينما ينغلق الشيعة على فكرة الإمامة ليؤسسوا لاستبداد آل البيت.. في ذلك الوقت يؤسس المتصوفة لنوع من مغادرة المجتمع نحو الخلوة من أجل الجلوة وذلك في دروب السير إلى الله وتناسوا أن الله موجود بين الفقراء والمساكين وفي جانب الحق ضد الباطل..

ويتكلس أهل السنة حول فكر سلفي مقيت يؤسس لسيادة الماضي على الحاضر وسيادة الصحابة على التابعين وسيادة التابعين على من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين…..هههه
يا التخلف وياللاسف الفكرية والعقلية والاجتماعية..

نستفيق فجأة على اكتساح بلداننا من الاستعمار فلا نجد ما ترد به كيد المعتدي فننقسم الى ثوار والى بائعي وطن ثم نفتح أعيننا على استقلال مغشوش ومن بعد على ثورات مصطنعة من أعدائنا لتمزيق أوصالنا والأدهى والأمر تصنع لنا حركات شبه إسلامية تأخذ أسماء مختلفة فتارة الإخوان وطورا القاعدة وتارة أخرى داعش وأطوارا قادمة سيصنعون لنا ما يتلاءم مع طبيعة مشاريعهم وطلائع جهلنا بخبثهم ….

فهلا استقمنا على الطريقة!!!

فهلا أقمنا دين التوحيد من جديد لضرب دين الشرك وتحرير الإنسانية بعد تحرير أنفسنا وأوطاننا وأراضينا وفكرنا وديننا…من ما علق بهم من الزيف والتحريف ….

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات