أفكار يسارية...تعلمتها في شبابي : النقد والنقد الذاتي …

Photo

هما وسيلتين واجبتين في كل تنظيم يساري ديمقراطي...لتقييم المواقف والتكتيكات والممارسات الحزبية... اما تقييم المواقف والممارسات الفردية فهي حرة...في تنظيم حر وديمقراطي وفي مجتمع حر…

هي واجبة في التنظيم اليساري...لأنه مطالب بنتائج ...ولأنه مطالب بالقيام بها دوريا...لتقييم ماذا تحقق وماذا لم يتحقق...ولتقييم التكتيكات ونتائجها...وهل يجب التمسك بها او تقويمها قبل تغييرها...وكل ذلك بهدف تحقيق المصالح المادية والمعنوية للطبقات والفئات الاجتماعية التي سخر نفسه لتمثيلها والدفاع عنها…

وهي ولان كانت واجبة أيضا على المناضل...ولكنه غير مطالب مطلقا بأن يكون متفق مع من يعتبر موقفه او ممارساته مخطئة ...لما يعتبر في قرارة نفسه أنه مارس قناعاته وأنه لم يخطأ...وأنه تصرف كمناضل ديمقراطي ثوري…

هذا علاوة على أن المناضل غير محمول على تحقيق نتيجة مثل التنظيم...وإنما فقط ببذل عناية وجهد حسبما تسمح به ظروفه الاجتماعية والاقتصادية...وحتى النفسية أحيانا... لأن المناضل إنسان وهو ليس آلة ...وله مشاكله الشخصية والعائلية والنفسية...واكراهاته في الحياة العائلية...والمجتمع المدني...الخ.. وعليه فان كل ما يمكنه أن يقدمه للتنظيم حسب ما تسمح به طاقاته...يمثل إضافة للتنظيم…

وهو بوصفه إنسان يمكن ان يخطأ ويصيب...وله الحق في الاختلاف مع رفاقه.... وله الحق في احترام رأيه لما يتمسك به... ولا التشهير به او تصفيته من التنظيم من أجله…

ذلك ان رايه وموقفه يمكن ان يكون هو الصواب...وكم من تنظيم في تاريخ التنظيمات الديمقراطية الثورية في تونس والعالم رفض موقف احد أعضاءه او مجموعة منهم...وحتى أقصى مناضلا او مناضلين من اجله...ثم يتبنى نفس الموقف بعد سنوات...وفي العديد من الحالات بعد فوات الأوان...دون تقديم نقده وحتى الاعتذار لهم على ما طالهم منه...وهذه قمة في الانتهازية…

ولكن البيروقراطية لما تتمكن من تنظيم يساري تقلب معادلة النقد والنقد الذاتي... فهي بدون تقديم اي نقد ذاتي لأخطاء التنظيم... لانها عندما تقوم به ستقوم بالضرورة بالنقد الذاتي للقيادة البيروقراطية...اي بنقدها الذاتي...التي تسببت دون سواها في الموقف والممارسات التي تسببت في الاخطاء الذي قام بها التنظيم…

وستفضح نفسها للعموم…بسبب مسؤولية كل فرد منها فيها….لانها هي التي مررتها في هياكل التنظيم وطلبت من المناضلين تنفيذها….وهي التي أضرت به في عقول المواطنين من الطبقات والفئات الشعبية التي تدعي التكلم باسمها… فكم منكم سمع ولو مرة واحدة اولاءك البيروقراطيين القياديبن يقومون بنقدهم الذاتي على أخطاء وفشل التنظيم التي مرروها في هياكله ومارسوها واجبرو المناضلين على تنفيذها؟

وكم منكم سمعهم ولو مرة واحدة يقيمون أخطائهم التكتيكية السابقة…لما يغيرون التكتيك السياسي الذين كانوا قد قرروه…والمواصلة في الامعان في الشطحات التكتيكية…بدون تقييم؟ طبعا لا أحد…فهذا من باب المستحيلات عندهم…فمواقعم وذواتهم مقدسة…طبعا في مخيلتهم فقط…

وفي نفس الوقت فالبيروقراطية تحصر وجوب ممارسة النقد والذاتي في المناضلين….وخصوصا اولاءك الذين تختلف معهم…. فهي تمارس "النقد" تجاههم…لأنهم لا ينصاعون لمواقفها وتعليماتها…ويمارسون قناعاتهم الديمقراطية الثورية كما يفهموها… وهي تطالبهم بتقديم "نقدهم" الذاتي…لأنهم مارسو قناعاتهم…فقط للانصياع لها… ولارداتها… وللتخلي عن قناعاتهم…وهذه قمة الانتهاكات… فهي يذكرني شخصيا بتفاحة نيوتن…وقولته الشهيرة…"ورغما عن ذلك فهي تدور"…"Et pourtant elle tourne"

كما تذكرني أيضا بقضية طلبة القيروان في التسعينات الذين نبتهم مع غيري … لما طالبت النيابة العمومية المحكمة بإعدام المحجوز مع الإدانة بالسجن …والمحجوز كان يتمثل في كتب يسارية وجدوها في غرف الطلبة…ومن بينها البيان الشيوعي… وقررت المحكمة إعدادها….

ملاحظة أخيرة…ويمكن ان تكون نكتة…ولكنها استفزتني كثيرا…

شخصيا قمت ما بوسعي للتعمق في هذا الموضوع على مستوى شخصي…في بداية التسعينات من القرن الماضي…لما كنت أشرف على هيكل…فإذا برفيق قابلته في السرية…وعوض ان يطرح رأيه في الموضوع الذي تقابلنا من أجله لنتناقش معا على الموقف الصواب…يسألني "شنية التعليمات "؟
فأجبته بدون ان اشعر وبكل حدة "بن علي وحدو الي يعطي التعليمات في البلاد هاذي"…

ولكن من الواضح…انه إلى اليوم…ورغم حصول ثورة حرية وكرامة…فإن ما بالطبع لم يتغير…..

زعمة الكلام هذا مازال صحيح؟

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات