احداث باريس :رُؤية اقتصادية

Photo

بدات الحكاية بالتبشير بالعولمة وبالرخاء الذي سوف تجلبه للعالم: فرضت امريكا على العالم فتح الحدود امام الرأسمال العالمي. كان المبشرون يقولون بان انسحاب الدولة من توجيه الاقتصاد وإلغاء الرسوم الجمركية وفتح الحدود والأسواق وتحرير العملة وخصخصة القطاع العام سوف يحرر المبادرة ويشجع الاستثمار فيخلق راس المال مواطن جديدة للعمل فتعمل قطاعات واسعة من العاطلين فيزداد ثراء الرأسمال الذي سيخلق مواطن عمل أخرى…

تُجبِرُ المنافسة على المزيد من الجودة و تُجبِرُ وفرة الانتاج على المزيد من التخفيض في الاسعار فيأكل الجميع ويلبس الجميع ويعمل الجميع ،وهكذا يعم الرخاء. وصف جوزيف ستيغليتس هذا المشروع "بالكذبة الكبرى": ماحدث هو العكس: استغل راس المال فتح الحدود فنقل شركاته الي الدول الفقيرة مستغلا العماله الرخيصة وحولها الي عبيد تعمل بدولار واحد في اليوم ( الصين والهند واندونسيا..) وحول امواله الي الجنات الضريبية.

اصبح يبتز الدول: احداث مواطن شغل بأجور زهيدة وبدون تغطيه اجتماعيه وإعفاءه من الضريبة. هذا الوضع جعل الدول في ورطة: اذا طالبته بالضريبة سوف يهرب تاركا الاف العاطلين،وفي نفس الوقت لا تستطيع ان تُنفق على القطاعات الاجتماعية إلا بفضل الضريبة. كان الحل هو التفويت في القطاعات الاجتماعية التي لم تعد قادرة على الانفاق عليها- التعليم-الصحة-النقل-الثقافة..

وفي نفس الوقت، وحتى يبقى راس المال وتحافظ على فرص العمل، تدعو الناس الي "التضحية":قبول الاجور الزهيدة مع التخلي عن التغطيه الاجتماعية. ولان الدولة تحتاج دوما الي نفقات ( الجيش-الشرطة-الرقابة..الاعلام) فلم يبق لها إلا ان تزيد من الضرائب وترفع من السلع الاستهلاكية وتضغط على الاجور وتتملص من جرايات المتقاعدين. المشكلة الاكبر هي ان تراكم الثروات لم يعد يُستثمر في احداث المزيد من مواطن الشغل وإنما في المضاربة في البورصة.

اي لعبة قمار بين اثرياء العالم. لمن الدولة اذا وما دورها؟ انها في يد اقلية ودورها هو ضبط وقمع الجياع والعاطلين. ماهو الحل للعولمة وهل يمكن الرجوع عنها ام انها ظاهرة لا عودة عنها؟ ترى حركة " العولمة البديلة" انه بالإمكان اصلاح العولمة وجعلها اكثر انسانية. اما بريجنسكي فقد راى اننا ذاهبون حتما الي عالم متوحش لذلك اقترح مصطلح الtittytainemnt : اي tits (حَلَمَة) و Entertainment التسلية: بقليل من الغذاء وبتسلية مُخدرة يمكن تهدئة خواطر العاطلين والجياع. مايحدث في باريس هو فشل مشروع العولمة.

سوف نعود الي دولة " العناية": دولة السيادة التي تغلق حدودها وتحمي تجارتها وفلاحتها وتوجه اقتصادها،ولكن بعد فوضى اجتماعيه عالمية ستكون قاسيه اكثر في دول الشمال.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات