الشاهد وعودة التوازن

Photo

في رسالته للدكتوراة " السلام والشرعية والتوازن"دافع كيسنجر على الاطروحة التالية: الثورات هي مجرد زُكام يصيب السيستام وسرعان ما يعود التوازن. علينا ان نفهم التحالف بين الشاهد والنهضة على انه توازن " جديد" ولكن داخل نفس السيستام. لفهم مايحدث اليوم لابد من قليل من التاريخ:

- حكمت فرنسا بواسطة البايات ( البلدية) ومن ورائهم.

-بعد الاستقلال كان هناك صراع في البداية بين الوافد الجديد ( السواحلية والبلدية): الصراع بين الامانه العامة ( يسيطر عليها البلدية) والديوان السياسي. حسم بورقيبة الصراع لصالحه ولكنه لم يستطع الحكم الا بواسطة البلدية لذلك تزوج وسيله بن عمار. ولم يهدد مصالح فرنسا.

- بن علي حكم بنفس التركيبة. ولم يغير شيئا في المعادلة البورقيبية.

- بعد 2011 حصل " الزكام" : هُددت مصالح السواحلية والبلدية وفرنسا وجاءت فسيفساء جديدة وغير متجانسة ومتصارعة تطالب بنصيب من السلطة والثروة. ولأنها خليط متصارع هُزِمت في 2014.

-بقيت ثلاث " ماكينات" :

* النداء الذي يعبر عن مصالح الفئات المتنفذة قبل 2011. والذي ادرك انه مُرغم بقبول شريك جديد في السلطة هو النهضة.

- النهضة :ادركت بعد تجربه الترويكا انها لا تستطيع ان تتواجد إلا مع الاقوياء القدامى لذلك خطب الشيخ وِد " وسيلة بن عمار": رجال الاعمال وأثرياء البلاد. قانون المصالحه وقوانين الماليه وعدم المساس بمصالح القوى الدولية. لن تغير النهضة شيئا في المعادلة القديمه مقابل قبولها كشريك " موثوقا به".

-الاتحاد: اراد تحييد النهضة مِرارا: بالحوار الوطني ثم بتحالفه مع لباجي ضد حلف الشاهد / النهضة دون جدوى. لقد افسد الباجي وابنه كل شئ وذهب اغلب الندائيين للشاهد. الاتحاد امام ورطة: لقد بقي وحيدا وهو يعرف ان انتصار النهضة/ الشاهد يعني الاجهاز عليه. لا يستطيعان الحكم وتطبيق السياسات " الاصلاحيه" مع اتحاد قوي ومتماسك، لذلك لا يريدان حل مشكلة الثانوي،انهما يريدان كسر عموده الفقري.

إما ان يُهادنهما - وهذا ما يفعله الان بعد يأسه من الباجي- او ان يتحول الي قوة برلمانية ولكن تلك مجازفة كبرى،لو لم يجن شيئا في الانتخابات سينتهي الي الابد. لذلك الارجح انه سيهادن مقابل ما تيسر من بقايا الموائد.

الخلاصة: تاريخ الدول المتخلفة الضعيفة دائري وليس تراكمي. بدانا دائرة اخرى بوافد جديد هو النهضة وسوف يُصفقُ لها اصحابها ما صفق الدساترة لبورقيبة وما صفق التجمعيون للتغيير " وستعرف بعد رحيل العمر بأنك كنت تطارد خيط دخان".

نور الدين غيلوفي وسامي براهم اعتبروا ما كتبت قدرية سوداء وتشاؤما. لذلك اضيف: هناك طريق اخر يؤدي فعلا الي نهضة تونسية ولكن لا يبدو اننا تهيّأنا له: كتلة تاريخية وعقد اجتماعي جديد. حتى لا تشعر النهضة انها مُهددة وحتى لا يشعر اليسار انه في خطر وحتى لا يدفع الخوف بالجميع الي الاحتماء بالأجنبي لابد من عقد اجتماعي. ولكن لم نصل بعد لهذا.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات