منذ صعد الطبوبي إلى الأمانة العامة لأكبر منظمة وطنية في تونس تعرّض إلى موجات ترذيل شعبوي عامّي مبتذل تتمحور حول معطى مركزي : الرجل جزّار واختصاص كرشة بقر ومستواه ابتدائي.. ولا يستحق منصبه ومرتبه الكبير وسيارته الفارهة... وخاصة لا يحق له الخوض في السياسة.. لأنها حكر على الجامعيين الأذكياء جدا الخ.
تمت عملية خلط سطحي بذيء بين المستوى المدرسي ومهمة قيادة منظمة نقابية ينخرط فيها كل أصناف العمال وتُسند فيها المسؤوليات حسب السبق النضالي النقابي الذي كان مكلفا زمن بورقيبة (مئات الشهداء والاف المساجين) وزمن بن علي أيضا رغم نجاحه في تدجين البيروقراطية في سنواته الأخيرة.
الطبوبي نقابي شعبي عاشوري متواضع التكوين المدرسي، ولكنه صاحب تجربة نقابية طويلة وصاحب موقف غير مؤدلج.. بل لعل عدم تأدلجه هو "بفضل" عدم دخوله الجامعة.. مصنع "الانحراف الايديولوجي" الأكبر.. يكفي أن نتذكر الجامعي الألسني العظيم الطيب البكوش الذي مرت أمانته العامة للاتحاد باهتة "ماسطة لاسطة" كأنها لن تكن.. عكس الزعامات النقابية العامّية.. الحبيب عاشور وحسين العباسي أساسا..
الطبوبي صعد إلى الأمانة العامة 2017 في سياق وطني متفجر.. منظمة تتعرض إلى هرسلة شعبوية أساسا من قواعد النهضة والكرامة.. ومكتب تنفيذي تحتله قيادات يسار وقوميين تريد تعويض ضعف حضورها الوطني بتوظيف رخيص لقوة اتحاد الشغل.. العباسي العاشوري أيضا نجح في كبح الانحراف السياسوي خلال الحوار الوطني.. قبل أن يتم استئمان الطبوبي على ذلك الخط..
من هنا دقة مهمة الطبوبي العاشوري المخلص للنقابة ثم النقابة…
منذ مبادرة الاتحاد للحوار الوطني قلت حرفيا أن الرئاسة ستعمل على "تمييع" المبادرة وامتصاصها.. وهو ما حدث. ليست الرئاسة فقط من ميّعت المبادرة.. بل اليسار و"الكتلة الديمقراطية" (صارت عنوانا حزبيا) أيضا.. الذين جرّبوا الشارع لإسقاط المنظومة برمّتها...
الآن يتبين للذين كانوا يتهجمون على الطبوبي قصر نظرهم.. في حواره اليوم يكشف مسؤولية الرئاسة في إفشال مبادرة الحوار.. وبشيء من السياسة يوزع المسؤولية على الجميع… الطبوبي.. بوعي نقابي وطني بسيط.. أذكى من كثير من جامعيي الأحزاب.