حسب الفصل 120 من الدستور، فإن المحكمة الدستورية هي الوحيدة المخول لها بمراقبة دستورية:
*مشاريع القوانين المعروضة عليها من قبل رئيس الجمهورية التونسية أو رئيس الحكومة أو ثلاثين عضوا من أعضاء مجلس نواب الشعب.
*مشاريع القوانين الدستورية التي يعرضها عليها رئيس مجلس نواب الشعب.
*المعاهدات التي يعرضها عليها رئيس الجمهورية.
*القوانين التي تحيلها عليها المحاكم.
*النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب الذي يعرضه عليها رئيس المجلس.
وفق الفصل 120 وفي ما يتعلق بالمهام، ذُكر رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب في مناسبتين ورئيس الحكومة في مناسبة واحدة. وعليه فان المحكمة والى جانب سحبها خاصية التأويل التي يستعملها سعيد لتمرير اجندته، فقد سحب الفصل 120 من قيس مركزية القرار التي قام بالسطو عليها، فالفصل المذكور ذكر رئيس الجمهورية في فقرتين تماما كما رئيس مجلس النواب، فيما ذكر رئيس الحكومة والمحاكم اضافة الى ثلاثين من اعضاء مجلس النواب في مرة واحدة، وهذا يعني فقدان رئيس الدولة للمركزية والمرجعية، لتصبح المحكمة الدستورية وجهته هو ورئيس المجلس، ورئيس الحكومة ،والمحاكم والنواب.
ما معنى "12 عضوا من ذوي الكفاءة" التي يتحجج بها سعيد!
يرغب سعيد في احتكار عبارة "الكفاءة" الفضفاضة، القابلة للتأويل العبثي المفتوح، بل من شانها الطعن حتى في كفاءة المتنبي الشعرية لو تحاكم الى ضبة بن يزيد الأسدي. بينما حُسمت المسالة بالدستور الذي نص في فصله 118 على أن "المحكمة الدستورية تتكون من 12 عضوا من ذوي الكفاءة، ثلاثة أرباعهم من المختصين في القانون الذين لا تقل خبرتهم عن عشرين سنة" إذًا يا حبذا من مراكمة الكفاءة لكن إذا تعذر ذلك، فشرط 20 سنة خبرة وعدم الانتماء لأي حزب يفي بالحاجة. وذلك وفق منطوق الفصل 118.
لماذا يرفض سعيد التحوير المتعلق بإلغاء شرط التتابع؟
لأن سعيد في العديد من كلماته ومداخلاته حمّل البرلمان مسؤولية تعطيل ارساء المحكمة الدستورية بما أن شرط التتابع يقضي بانتخاب رباعية البرلمان ثم الذهاب الى ما بعدها، والتخلي عن شرط التتابع سيسحب من سعيد هذه التهمة التي يراجم بها البرلمان وسيجبره على تعيين رباعي الرئاسة دون الحاجة الى ترقب رباعية البرلمان، كما يفسح المجال لاختيار رباعي القضاة. هكذا يتخلص البرلمان من تهمة التعطيل وتصبح كل جهة مسؤولة عن انتخاب أو تعيين نصابها. الأمر الذي سيفقد سعيد أحد أهم أوراق الضغط والهرسلة.
تبقى الإشارة إلى أن كل هذا اللغط وهذه التعديلات تتعلق بانتخاب 3 أعضاء من جملة 12! بما ان البرلمان سبق وانتخب مرشحة نداء تونس، القاضية روضة الورسيغني. لكن قيس سعيد يتعمد تعطيل التحويرات الدستورية لإحداث انسداد دستوري كما تعمد تعطيل التحوير الحكومي لإحداث انسداد حكومي، مع العمل على تطوير الانسداد من المحاور وصولا احداث حالة انسداد شاملة، قد تسمح له بالمرور القوي نحو ارساء مشروع اللجان الشعبية.
وعليه فان سعيد سيتصدى لأي محاولة انفراج، لأنه وضع جميع بيضه في سلة الانسداد، خاصة بعد التنبيه الذي تلقاه من الجيش الوطني وبعد فشل انقلاب راس السنة الذي قاده الوزير شرف الدين بتوجيه من غرفة العمليات في الضّاحية الشمالية واستهدف وزارة الداخلية، ثم وبعد انخرام حزام سعيد البرلماني بفعل التسريبات والهشاشة التي لاحت عليها العصابة الداعمة للانقلاب اللّجاني.