ان دعوة الرئيس سعيد الى العودة الى العمل بدستور 59 في اعتقادي لا تبرر بتلك السلطات الواسعة التي يمنحها له فالرئيس لا يبحث بذلك عن مجرد تجميع صلاحيات حرمها منه دستور 2014 او حرص على نظام سياسي مستقر، بل انه بهذا الدستور يطمر سردية ما لم يكن فاعلا فيها .
انها سردية تزعجه و تذكره انه كان غائبا .. لا شك أنه و هو يختار دستور 59 يهاجر أو بالأحرى يفر الى زمن متخيل انه بذلك يلوذ ( مفردة محبذة لديه ) الى الحقبة التي تليق به و التي تمنحه شرعية الوجود السياسي حيث لم يترك أثرا له في معارك الحريات ولو مجرد امضاء عريضة استنكار ينحاز فيها الى قضايا نبيلة وطنيا أو عالميا.
يخرجنا تماما سعيد بدستور 59 من زمن الثورة ( بل حتى من زمن الانتقال الديموقراطي ) التي لم يساهم فيها والتي كان دائما يتحرش بها و يعتبرها معرة ... هذه النزوح الى زمن دستور 59 لا يشكل مجرد لجوء فار الى زمن متخيل حيث يتحصن في قلعة مهجورة لا أحد يحرسها او يدعي انه مؤتمن على صونها.
انه يتوهم حيازة زمن أصيل . لقد رحل جل رواد ذلك الجيل ممن حضروا المجلس القومي التأسيسي الذين صاغوا دستور 59. و مع ذلك فان رئيسة الحزب الحر الدستوري التي تتوهم بدورها انها حارسة ذلك الزمن السعيد أعلنت ذودها عن محميتها تلك و استعداها لإجلاء سعيد منها .