هي الإدعاء بان في تغيير النظام السياسي خروج من الأزمة.... أو شرط للخروج منها.. هذه الدعاية يروجها طيف مختلف من القوى السياسية.... وجعلو منها موضة وحديث الكرونيكارات القائمين بمهام.. وهم متخفون وراءها للتغطية على عوراتهم المتسببة في إيصال البلاد إلى الثورة، ثم إلى الأزمة الخانقة التي تعيشها اليوم... ومن بين تلك القوى.. اولا....وهذا ما يعتم عليه الكثير لغرض في نفس يعقوب...
فاشلون في الإنتخابات الأخيرة من فلول النداء، كانو أغلبية عريضة في الحكم متحالفين مع النهضة، وانهزمو... لأنهم كانت لهم المبادرة التشريعية الحكومية طيلة خمسة سنوات... لكنهم اعتبرو الدولة غنيمة وتعاملو مع الفساد..وعرقلو تطبيق الدستور الحالي... فلا ارسو المحكمة الدستورية ولا الهيئات الدستورية التعديلية مما تسبب في الأزمة الحالية بين مؤسسات الدولة... ولا ارسو اللامركزية خصوصا المجالس الجهوية المنتخبة المختصة في التنمية الجهوية ومجالس الأقاليم التي تجمعها مما حال دون مساهمة الفعاليات الجهوية في المشاركة في تصور التنمية وتفعيلها بمناطقهم فيقيت على حالتها إن لم تتأزم اكثر.. وفاقم من الاحتجاجات الاجتماعية على السلطة المركزية....وذلك لأنهم تفرمتو على الحكم الفردي والمركزية المفرطة... ولأنهم لا يؤمنون بالديمقراطية التشاركية…
وهذا ليس رأي... فقد أثبتو سيديجا ذلك بأنفسهم في الحكم طيلة خمسة سنوات في رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة ورئاسة المجلس...وضيعو على البلاد خمس سنوات من الانتقال الديمقراطي... حتى أصبح في مخيلة الكثير وكأنه السبب في الوضع الحالي وليست سياساتهم…
وهم للتهرب من هذه المسؤولية الجسيمة، واكتساب عذرية جديدة، يتحركون الآن من وراء عناوين سياسية أخرى...وتحت يافطة "القوى الوسطية" بدون القطع مع الفساد وبدون برنامج ديمقراطي واجتماعي...للرجوع في الصورة بنفس طريقة الحكم الذي ترعرعو فيه ومارسوها في الحكم ، وكأنها لم تحصل ثورة ضد الإستبداد والفساد ولم تمر عشرية عنها..
ثانيا....
حالمون بإرجاع الاستبداد مثل الدستوري الحر وفاريناته، لهم مشروع دستور لحكم فردي، أعلنو عنه ويتهربون من طرح محاوره على الناس، ومتناسين أيضا ان ثورة حصلت في تونس ضد الإستبداد والفساد، وأن الاستبداد هو من مأسس الفساد ونظمه ورعاه بالقوانين والتشاريع والرخص وكراريس الشروط/الرخص...علاوة على الإقتصاد الموازي المنظم تحت رعاية الامن... ولما حصلت ثورة تمقرط وتفشى بتسامح إن لم يكن برعاية الحكومات المتعاقبة..
ثالثا…
حالم بالرجوع لدستور 1959 للانفراد بالحكم.. من وراء خرافة أمي سيسي الشعب يريد.. هذا الدستور الذي أسس لنصف قرن من الاستبداد.. وانتهي بفساد الدولة وحكامها، والغريب انه كان يدرسه لطلبته، فإما انه لم يفهم روحه... او انه فهمها ويتصرف عن قصد وتخطيط. ولذلك هو يعمل الآن على شل تطبيق الدستور الحالي... في غياب المحكمة الدستورية التي يعارض في إرساءها...رغم انه اقسم على المصحف على احترامه..
رابعا..
فاشلون في الانتخابات السابقة، تقدمو في قائمات انتخابية متعددة ومعادية لبعضها البعض، ومتنافسة على نفس القاعدة الانتخابية فشتتوها إلى حافة الاندثار ، وتأكد من انتخابات لأخرى انهم غير قادرين على المنافسة الانتخابية، ولا يمثلون بعد عشرة سنين من الثورة، سوى قوى سياسية رمزية وظواهر صوتية، لعجزهم البنيوي فكرا وممارسة، على تشكيل قوة سياسية ديمقراطية اجتماعية واحدة وموحدة قادرة على المنافسة ميدانيا وانتخابيا... وتعطي أملا للمواطنين في تغيير وضعهم…
فتسببو بأفعالهم المشينة هذه على تحول هذا الأمل لدى فئات عريضة من الشعب إلى تيارات شعبوية أو استبدادية أو فاشية... في واقع أزمة اقتصادية واجتماعية متفاقمة هم اعلم اكثر من غيرهم انها تساعد على تطور تلك التيارات في غياب بديل ديمقراطي اجتماعي قوي ومنغرس…
وعوض العمل من أجل البديل، يتدثرون بشعارات فضفاضة او مبهمة ودغمائبة، من قبيل ضرورة تغيير النظام السياسي بدون توضيح ما يجب تغييره وما يجب المحافظة عليه وما هو شكل النظام السياسي الذي يقترحون...او تغيير منظومة الحكم بدون تعريف المقصود بتلك المنظومة وما هو البديل الذي يريدون تعويضها به... الخ من الترهات مثل تلك الثورجية او الرومنسية التي تدعو لنسف البناء القائم بدون مخطط لإعادة البناء ولا جيش من العمال يبني الجديد..
خامسا..
وإن لم يكن ذلك....فبالسقوط في دعاية تلك القوى السياسية...وعنعنتها.. تلك القوى التي للتهرب من مسؤولياتها الجسيمة في الأزمة الحالية إن في الحكم أو لعجزها عن تشكيل بديل جدي في المعارضة ينافس على السلطة ببرنامج تنموي اقتصادي واجتماعي ... تدعي علنا او ضمنيا ان تغيير النظام السياسي هو المخرج السياسي من الازمة... ولا تطبيق الدستور الموجود وتفعيله!!
يا والله أحوالهم…