اللحظة الحالية تبدو للكثيرين غامضة ولا تسمح باستنتاجات نهائية. أنا أرى العكس.. الانقلاب الذي أقدمت عليه الغرفة التي تشتغل بسعيّد كشف لي ما يكفيني شخصيا لأستنتج ما يلي : كل شروط نجاح الشعبوية الحمقاء والفاشية الدموية متوفرة في مجتمعنا..
أهم شرط هو بنية ذهنية جماعية معطوبة جذريا بسبب انحطاط تاريخي طويل.. وبسبب فشل كلي للمؤسسة التعليمية. بحيث أن الطالب التونسي يمكن أن يحصل على شهادته ويصير أستاذا جامعيا وهو فاقد تماما لأساسيات التفكير العقلاني النقدي..
وعموما لا تجد فرقا واضحا في التعبير السياسي للتونسي بين من غادر المدرسة في الابتدائي وطالب جامعي.. أو أستاذ أو محام أو قاض أو طبيب أو مهندس.. لفهم هذا المعطى يكفي فحص سريع لجمهور عبير خلال سنتين.. ستجد الأستاذ الجامعي والتلميذ يرددان نفس الشعار..
المثال الأبرز طبعا هو سعيّد.. لو درسنا جمهوره منذ ظهوره إلى اليوم.. ستجد حماس دكتور مختص في الأعصاب لهذا الرجل شبه الأمي مطابق تماما لحماس تلميذ السابعة أساسي. إعجاب بفصاحة منعدمة لا يعجب بها إلا من لم يقرأ كتاب النصوص للسنة الثالثة ابتدائي نظام قديم.