تعرفون قصة "ولد اختي باش يصرحلي بلاش'' و"خالتي باش تخلّصني دوبل"، ذلك بالضبط ما دفع "الضباط الاحرار"، المكتب التنفيذي والشعب والتيار، الي مساندة "قايد الثورة". يوم يعلن "القايد" خارطة الطريق ستنفجر الخلافات الجوهرية.
كان "الضباط الاحرار" يُمنّون النفس باستعمال القايد في عملية تصفية لمجلس النواب تستهدف النهضة والكرامة، وبشكل اقل كتلة القروي-يكفي ترويعها حتى تنفجر الي مستقلين- ومن ثم يصبح "الضباط" القوة المتحكمة في المجلس، الذي لن يكون له دور سياسي، وانما سيقف في حدود التشريع. هذا يكفيهم لتصوير انفسهم منتصرين، عساهم يختلقون رصيدا "ما" يدخلون به الانتخابات القادمة.
اما القايد فقد اراد استخدامهم في مرحلة اولى حتى يستتب له الامر: استعمل المكتب التنفيذي حتى لايعارض الانقلاب، وحتى يَعِزُ الي باقي المنظمات بالمساندة، واستعمل البقية لكي يدعي ان ما حدث يتمتع بمقبولية في الداخل.
بعد الخارطة سيُحصحص الحق: القايد ذاهب الي "مشروعه" القائم على المجالسية، وهو كما يقول "تفكير سياسي جديد" سيُنقذ العالم من الديمقراطية التمثيلية ومن المركزية. هو يدرك الان، وبعد ما اقدم عليه، ان اي عودة لمجلس النواب –حتى بعد التصفية- هو انتحار، وان اي دعوة لانتخابات تشريعية –على الطريقة التقليدية- هي انتحار. نتوقع ان يصدر دستورا صغير وخارطة طريق تفتح المجال امام المجالسية.
حينها ستتحسس الاحزاب والاتحاد رقابهم: المجالسية هي القضاء على الاتحاد والاحزاب لأنها تنظيمات مركزية، صحيح انها تدعي بان "القواعد هي الحل" ولكن ذلك مجرد ايديولوجيا، يكفي ان نتذكر ما حصل للكاتب العام لنقابة مجلس النواب حتى نعرف سطوة المركز. ستتولى المجالس ايضا الاشراف على عملية الانتاج، وسيكون العمال إما شركاء في المشاريع او تحت سلطة المجلس المحلي والجهوي، وهو ما يعني سلب الاتحاد من قوته الضاربة.
اما الاحزاب فستكون فعلا "دكاكينا" خالية وبدون اي فعل في الواقع. ان عدم ظهور "خارطة طريق" الاتحاد يعني ان القايد له خارطة اخرى، وليس تبرير الاتحاد "بانه سيقدم خريطته لرئيس الحكومة" الا حفظا مؤقتا لماء الوجه، فما الذي يملكه "وزير اول" امام رئيس له كل الصلاحيات الارضية والميتافيزيقية؟
لقاء الاحزاب والاتحاد بسعيد هو لقاء تكتيكي، يوم يقع القضاء على الغريم المشترك سينفجر الصراع، اما النيران الصديقة فستبدأ من يوم اعلان القايد عن خارطته.