لا ديمقراطية بدون أحزاب ديمقراطية تسعى للحكم...ومجتمع مدني قوي يتصرف كقوة اقتراح للدفاع عن الديمقراطية وتكريسها... وهذا خصوصا في مرحلة انتقال ديمقراطي بعد ثورة حرية وكرامة... وإلا فالاستبداد والحكم الفردي في طريق مفتوح... للرجوع بأكثر وحشية!!
منذ الثورة كان هذا التوجه الذي يؤسس لنظام ديمقراطي اقلي في الطبقة السياسية بمختلف توجهاتها.. وكان شبه غائب لدى من حكمو منذ الثورة وإلى اليوم... ولا تغني الشعارات والدمغجة الإعلامية... فالممارسة هي التي تكشف الأوراق الحقيقية.. دون سواها!!
وكان هذا التوجه الديمقراطي... أيضا أقليا... حتى في المجتمع المدني الذي كان من المفروض ان يكون العنوان الثاني الرئيسي... الحامل للوائه!!!
وانكشف ذلك جليا... لما قام رئيس الدولة يوم 25 جويلية بانقلاب لا غبار عليه على دستور ديمقراطي صادق عليه الجميع بدون استثناء زمن سنه وهللو له...بدعوى تطبيق فصله 80 بغير ما ورد به...
وهذا التوجه الشعبوي ضد هذا الدستور الديمقراطي وهو المكسب الكبير من الثورة.. كان يطالب به الرئيس قبل انتخابه (فصرح مثلا ان الحمار سيديجا اكله!!! ) ... وبدأ يخطط للإنقلاب عليه منذ انتخابه (ولنا عودة للموضوع في تدوينة أخرى استنادا على ما هو مضمن بصفحة الرئاسة... وكذلك بتقرير محكمة المحاسبات وهو خطير .. ولا بالتخمينات)..
ولكن منذ الإنقلاب على الدستور، لاحظ الجميع أن جل الأحزاب التي تدافع على الديمقراطية والحريات السياسية المكتسبة بفضل ثورة الحرية والكرامة ... في ارضيها او كانت تدافع عنها في ببيانتها السابقة للإنقلاب ، تناست المسألة وهي أساسية، خصوصا وان البلاد في مرحلة انتقال ديمقراطي!!!
فإما أنها ساندته، أو أنها سكتت عنه بتعلة ان ذلك ما يريد الشعب الفايسبوكي الذي يريد، وكأنها كانت متخوفة منه، والحال انه كان عليها مصارحة الشعب بكل جرأة... ولا مجارات الإنقلاب... وهو انتكاسة خطيرة من طرفها ضد مستقبل الشعب التونسي. ..
أما المجتمع المدني فحدث ولا حرج... يا بوڨلب!!!
فمن هي الجمعيات والمنظمات التي اصدرت بيانات واصدعت علنا فيها بأنه انقلاب على دستور ديمقراطي... يؤسس لنظام شمولي؟ لقد تناست هذا الموضوع الأساسي الذي بعثت من أجله...والحال انها قوة مضادة لكل سلطة وقوة إقتراحات... ومن بين وظائفها الرئيسة التشهير بالإنتهاكات... فكيف لها أن تسكت يا بوڨلب... لما يتعلق الأمر بنسف أسس النظام الديمقراطي الذي يؤمن الحقوق والحريات في دستوره!!!
فغلبت صلبها الحسابات مع من لا يؤمنون بأرضياتها... وتسللو داخلها وفي قياداتها...وتناست ان قوتها معنوية واعتبارية وفي سمعتها بتلك المواقف المبدئية التي عليها الإصداع بها مهما كانت الظروف...وقبل أية اعتبارات أخرى...ومهما كانت !!!
واتحدث هنا طبعا عن الجمعيات والمنظمات المستقلة، وخصوصا التاريخية منها... ولا تلك التي تنشط كفروع لبعض الأحزاب لجلب الأصوات في الحملات الإنتخابية…
واليوم... وبعد أن توضحت أهداف الإنقلاب...لإرساء نظام شمولي بصورة لم تعد تترك مجالا للتشكيك في ذلك...بفضل الأمر عدد 117.... وقبله برفض الحوار على مستقبل تونس مع ممثلي المجتمع من أحزاب ومنظمات وجمعيات... بدعوى ان هناك شعب هولامي يريد... وهو الوحيد الذي يقع التخابر معه... وبوسائل إعلامية مسترابة يجب فتح تحقيق مستقل في من وقف وراءها في السابق... وما صاحبه من قرارات سياسية صادرة عن سلطة الأمر الواقع....وما يحضر لحشر البلاد في نفق خطير من طرف طغمة شمولية تتحكم في سلطة الأمر الواقع بفضل وسائل الدولة المادية…
وبعد أن توضح ان مستقبل البلاد يقع التفاوض عليه من طرف قرطاج... مع الحكومات الأجنبية... ولا مع أهل البلد!!!
اليوم ودرءا لهذا المصير المشؤوم الذي ينتظر الجميع... فإنه محمول على كل من يؤمنون فعلا بإرساء دولة ديمقراطية والدفاع عن مكسب الحريات السياسية... الكف عن الحسابات الصغيرة والوقتية مع من لا يؤمنون بالدولة الديمقراطية... وعن "التحاليل" المزاجية والإنطباعية الإنتحارية ... والحقد السياسي الذي يضيع البوصلة عن الحاضر والمستقبل.... والصبيانية السياسية الشعاراتية ... والتمترس في المواقف الصبيانية للأنوات المتورمة....إلخ...ان يفكرو معا... ويعملو جديا من أجل مستقبل البلاد... لإنقاذها من الغول الشمولي !!
فقد وقف الحمار الذي التهم الدستور والنظام الديمقراطي منذ 25 في العقبة… ويجب تحميره أكثر قبل فوات الأوان… ومنعه من حشر البلاد في النفق المظلم….للتخلص منه. وذلك بدون لف ودوران…
فبحيث…. اعيدها واكررها… فهذا الحمل… محمولا اولا على الأحزاب الديمقراطية… وكذلك على فعاليات المجتمع المدني الديمقراطية بمنظماته وجمعياته… قبل غيرهم… وبمساندة كل القوى الحية والضمائر الحرة في هذه البلاد…
فلا ديمقراطية بدون أحزاب ديمقراطية… ومجتمع مدني ديمقراطي…ونقطة وارجع للسطر… وكل طرف يتحمل مسؤولياته التاريخية… فالتاريخ لن يرحم أي كان… ومن أنذر!!!