حيثيات كل القوانين و المراسيم في كل بلدان العالم تذكر مرجعيات القوانين السابقة. كل مراسيم الرئاسة تعتمد الدستور (المجمد) و المرسوم 117 المتعلق بالتدابير الإستثنائية بالنص التالي :
"إن رئيس الجمهورية،
بعد الاطلاع على الدستور،
وعلى الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 المتعلق بتدابير استثنائية،
وبعد مداولة مجلس الوزراء.
يصدر المرسوم الآتي نصه"
و هنا هناك الكثير مما يجب أن يقال قبل التعرض الى النصوص نفسها :
- سلطان البلاد يعتقد أن هذه المراسيم ستؤسس لاستقلال جديد مع إستعمال رمزية إمضاء ركيكة و خطاب يؤمن أن هذه السابقة العالمية ستؤسس لنظام عالمي جديد.
- نقاش هذه المسائل و الخلاف مع عقل الرئيس السياسي و الإقتصادي أصبحت في بلادنا مسألة لا تخضع لا للمنطق أو العقل... هي أصبحت مسألة إيمانية ميتافيزيقية : إما أن تؤمن و تصدق أو تكفر و لا تصدق... و لذلك فالنقاش لن يجدي نفعا.
- سلطان البلاد يضع نفسه في قطيعة تامة مع الدولة التونسية التي نعرفها (بإيجابياتها و سلبيلتها) و يؤسس لمنظومة جديدة لا تعتمد على قوانينها أو تنظيمها أو نواميسها. هو يمثل العقل التونسي الأصيل الذي يبدأ غالبا بهدم كل ما سبق.
- هذه المراسيم و هي تصبح قوانين دولة (بالرغم من محدودية شرعيتها) هي فعل منفرد لسلطان البلاد و الذي وظف كما فعل السابقون أجهزة الدولة و حكومتها إلى صياغة مراسيم فيها مخاطر كبيرة من غير أدنى نقاش أو أي نوع من أنواع التشاركية الضرورية مع القوى الحية في البلاد.
و هي بذلك لن تكتسب شرعية و لا مشروعية و هي ستستنزف إمكانيات الدولة من أجل تمريرها و تطبيقها و ما رأيناه في مسألة الإستشارة سيكون مضاعفا في مسائل الصلح و الشركات الاهلية و ستعيش تونس على وقع ما يشبه تجربة التعاضد في الستينيات.
- الحاكم بأمره لا يؤمن بأي نوع من أنواع تشاركية القرار... هو الأوحد و هو لا يمتلك الحقيقة فقط بل هو الحق لا شريك له. حكومة السلطان برئيستها الرمزية و وزرائها لا يستطيعون الا الانخراط الطوعي او المكره في هذا المسار..
- تضارب هذه المراسيم مع الترسانة القانونية الموجودة و مع دستور البلاد سيعقد الأمور أكثر. كان من الواجب في المراسيم الثلاث ذكر القوانين التي لم تعد فاعلة لاجتناب تضارب و تناقض النصوص.
- من المفروض أن يكون للقضاء دور هام في الحفاظ على السلم الإجتماعية و على حقوق الأفراد و حقوق المجموعة الوطنية... هل ستقدر على ذلك في هذا الوضع؟
الأمر جدي و لا يمثل أي فرصة للمزح أو التهكم.. نحن أمام سلطة و مناصرين لا يؤمنون بالديمقراطية كآلية للحفاظ على العقد الإجتماعي الرابط بيننا و لا يؤمنون بالحوار كآلية لتجاوز الأزمات و لا يؤمنون بالمؤسسات كركيزة للدولة العصرية.
و في المقابل، معارضة مشتتة و ضعيفة، و لا تمتلك القدرة على المبادرة السياسية، منظمات وطنية لا تسمع لها صوتا، و شعب لم يعد الشأن العام يعني شيئا له أمام تفاقم صعوبة العيش، و إزدياد نسب الفقر و الهشاشة و محدودية دخل العائلات.
كل عام و تونس أفضل بكثير.