قرأت هذا الصباح تدوينة لسعيدة ڤراش تسخر فيها من استشارة سعيّد. تدوينة بكلمتين :"استشارة طيّارة". سعيدة يمكن أن تكون نموذجا مدرسيا لفهم "طبيعة النخبة السياسية التونسية".
هي شخصية سياسية عاشت كل حياتها في قلب السياسة. مناضلة طلابية يسارية، محامية مناضلة حقوقية قيادية في النساء الديمقراطيات، من مؤسسات نداء تونس في سياق "الاختراق اليساري" للمشهد الديمقراطي الجديد، ثم مستشارة رئاسية لقائد السبسي، أي مهندسة من الصف الأول للسياسة خلال مرحلة التفكك السريع للانتقال الديمقراطي...
لتصل بعد كل هذه المسيرة إلى مساندة متحمسة لانقلاب شعبوي مخجل ... ثم تنتهي.. وهنا مربط القرد : نبّارة على استشارة طيّارة.
المنطق البسيط يقول أن شخصية بهذا التاريخ يُفترض فيها أن تنتج نصوصا سياسية عميقة تستقرئ المرحلة بدقة وتبدع أفكارا خلاصات للتجارب التي خاضتها... لكن... تمخّض عن كل تجربتها تنبير فقير سخيف يلخّص خيبة هذا المجتمع المنكوب في نخبته.
استنتاج شخصي سريع :
بعد عقد كامل من الحرية، يمكن المجازفة بالقول بأن نخبتنا السياسية تعاني من "فقر دم سياسي حادّ".
في ظل دكتاتورية بن علي كان من المستحيل علينا الانتباه إلى هذا المرض، لأن الشجاعة في مواجهته كانت شجرة جميلة تحجب كل ما وراءها. كان يكفي أن تكون شجاعا لتكون سياسيا محترما.
في عراء الحرية اكتشفنا ضحالة نخب المعارضات بكل تياراتها ( الاستثناءات حقيقية، ولكنها لم تكن مؤثرة)...
ولاختزال الفكرة يكفي أن أذهب مباشرة إلى النهايات :
هذه النخب أجمعت كلها في لحظة حمق وتفاهة وسطحية وضحالة على انتخاب قيس سعيد.
*** طبعا للفكرة تدرجات أخرى مهمة تحتاج جهدا.