فضيحة شاملة عامّة وغير مسبوقة على المستوى الأخلاقي! فضيحة وضعتنا خارج دائرة الأخلاق على قيمنا وعلينا كقيمة إسلاميّة أخلاقيّة طالما تطلّعت نحوها شعوب العالم الإسلامي وخاصّة الشّعوب الأفريقيّة.
بلا خجل ولا وجل، بل بكلّ ما في الوقاحة من وقاحة، تتابعت وتواترت الاعتذارات إلى الشّعب الجزائري الشّقيق على السّقوط الأخلاقي الذي جاء في المسلسل المشترك سيء الذّكر! مواقع تونسيّة وإعلام تقليدي وآخر افتراضي، مواقع عربيّة وجزائريّة تلفزيونات وإذاعات وصحف تتحدّث عن جملة الاعتذارات للشّعب الجزائري بسبب المشاهد التي تضمّنها المسلسل السيء الذكر، اعتذروا للشّعب الجزائري لأنّهم تعدّوا على ذوقه العامّ وأخلاقه وتقاليده ومسلّماته هكذا ورد الاعتذار أو الاعتذارات في الكثير من المنابر.
ثمّ ماذا؟!
ثمّ لا شيء عن الشّعب التونسي، تلك حاويتهم التي تعوّدوا عليها منذ بورقيبة إلى اليوم، يضعون فيها مزابلهم ويدسّون فيها غرائزهم الحيوانيّة ويحقنونها بفضلات الثقافة الفرنسيّة..
يعتذرون للعائلة الجزائريّة ويوقفون عرض المسلسل الخبيث، ثمّ يتمنون أن يُقبل اعتذارهم ويقسمون أنّهم لم يتعمّدوا ذلك وأنّهم سيقومون بالتحرّي الجيّد في المرّة المقبلة، وبعد أن يجتهدوا في اعتذارهم للجزائر يعودون للتبوّل على الشّعب التونسي، لا يتبوّلون بيولوجيّا وإلّا كان يغسله الماء وإنّما يتبوّلون بأشكال فظيعة نفايات مؤذية، يفعلون ذلك في راحة تامّة وعلى قناعة أنّه من حقّهم ذلك وأنّ البيئة التونسيّة اقتطعوها خالصة لشذوذهم ومن يتكلّم ويحتجّ ويرفع الأخلاق أو الثوابت أو الدّين أو المصحف أو الأسرة أو الفضيلة في وجوههم يتصدّى له طوفان الجمعيّات اللقيطة، ينهشونه كما تنهش الكلاب فريستها الضعيفة المعزولة.
من أجل هذا اليوم الذي يعتذرون فيه لشعب أصيل عملوا بقوّة وعلى مدار العقود الماضية على تحويل شعب عُقبة والزيتونة إلى شعب غير أصيل، يقبل الرذيلة يتعايش معها وحتى إذا رفض أقصى ما يمكنه فعله أن ينكّس ويحوقل، لأنّه يدرك أنّ الوباء الحداثوي الذي نخر مفاصل المجتمع المدني والدولة وفضاءات الضّغط والنّفوذ أصبح أقوى من الفضيلة، أقوى من التقاليد، أقوى من الأسرة، أقوى من المدوّنة الأخلاقيّة التي نحتت هذا المجتمع منذ 1400 عام.
إنّ أولاد الطواريس حين اعتذروا للشعب الجزائري كانوا يعتذرون للمسلمين، أمّا نحن فيعتبروننا مثليّين لذلك لم يفكّروا أصلا في فرضيّة الاعتذار، بل يعتقدون أنّنا في حاجة لجرعات أقوى تقتل فينا بقيّة باقية من فطرة فطرنا الله عليها.
والآن هل علم الأغبياء من الطائفة المسلمة المستضعفة من الأغلبيّة المقهورة، هل علم أغبياء الأغلبيّة السّاحقة المسلمة التي تمّ احتلالها من شرذمة ممسوخة، هل علم الأغبياء لِمَ كلّ هذا الحقد على كلّ نفس إسلامي، لِمَ يكرهون رياض الأطفال والمساجد وجمعيّات الإغاثة وتحفيظ القرآن، هل تفطّن الأغبياء رهائن الأقليّة الملحدة المنبّتة، لِمَ هاجت البؤرة حين تقدّم طفل لإمامة المصلّين، هل علم الأغبياء الآن أنّ محمّد العفّاس لم يخض معركة لصالحه وإنّما لصالح أمّة وشعب وهويّة مختطفة، هل تفطّن الغباء المسلم وراثة أنّ البؤرة التي نهشت العفّاس إنّما كانت تعبّد الطريق لمثل هذا اليوم، يوم تعتذر فيه للشعب الجزائري المسلم الحرّ وتمضي تتغامز على شعب تونس.. هل علم قطيع الغباء أسير البؤرة الحداثاويّة أنّ العفّاس كان يدافع عن شرفهم وشرف بناتهم ونسائهم لمّا حرّشتهم زمرة الإلحاد فهبّ الأغبياء ينهشون والرّجل بين أنيابهم يصرخ إنّي أذود عن أعراضكم فكيف تقتلون رجلا يقول ربّي الله.