الاغتيال الجبان للصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة هذا الصباح جريمة علنية ترتكبها عصابات الاحتلال المجرمة أمام أنظار العالم. ولكنها عندي متوقعة تماما من محتل استيطاني عنصري.
أما جريمة الإبادة الجماعية التي اكتشفها العالم في فيديو مؤخرا.. والتي ارتكبها النظام السوري الوحشي في حق مدنيين عزّل.. حيث قام باقتياد 41 معتقلا معصوبي الأعين ومقيّدي الأيدي إلى حفرة إعدام ليتم رميهم بالرصاص وحرق جثثهم.. والتي كشف عنها فيديو ثبتت صحته بعد تعرّف بعض العائلات على أبنائها…
هذه الجريمة التي ارتكبها نظام عربي في حق مواطنيه.. وهي ليست إلا عينة تسربت من مئات جرائم إبادة مثلها وربما أفظع بكثير ارتكبها النظام السوري المجرم.. هي عندي أبشع وأشنع وأحقر بكثير من جريمة محتل تأسس على القتل والتهجير منذ يومه الأول.
وداعا شيرين…
والمعذرة من ضحايا النظام السوري والأنظمة العربية الذين لن نعرف أسماءهم.. لأنها أكثر من أن تُحصى.
مثل هذا النقاش يؤكد أننا مجتمعات عارٌ على الإنسانية
منذ الصباح اعترضتني شذرات من نقاش العادة في أوساط ما يسمى ب"الإسلاميين" حول جواز الترحّم من عدمه على الصحفية شيرين أبو عاقلة التي اغتالها الاحتلال. استنكفت عن الخوض في سفالة كهذه. ولكن منذ قليل مرّت أمامي تدوينة ل"صديقة فايسبوكية" من الأسماء النشيطة في تيار سياسي معيّن.. طبعا أدرك تماما أن التيار لا يتبنى موقفها.. السيدة حاسمة في عدم جواز الترحّم على غير المسلم. عدد من دعموا موقفها مذهل.
رأي :
* لن أخوض طبعا في استعراض "الأدلة الفقهية" التي تدحض هذا التكفير/التفكير البدائي القاتل. لأن كل المنطق الفقهي "الشريعي" فقد حجيته عندي.. كله يستند إلى حيثيات نصية قديمة لا قيمة عقلية وفعلية لها.. كل المدونة الفقهية القديمة ليست أكثر من استجابة ناس ذلك الزمان إلى حاجات تاريخية لمجتمعاتهم.. مجتمعات قديمة لا علاقة لنا بها. والعودة إلى ذلك الفقه لإدارة حياتنا الحاضرة ليس إلا تخلفا ونكوصا ورفضا لحركة التاريخ.
* هذا الجدل المخزي ليس إلا تمظهرا ل"عصاب ديني جماعي"… عصاب يؤكد أن أجزاء كبيرة من مجتمعنا لا فقط غير قابلة للحياة… بل مهيّأة لقتل كل فرص النهوض.
* صار من العبث التذكير بأن كل رموز مشاريع التحديث العربي أقرّوا بفشل جهودهم الفلسفية في خلخلة بنية العقل العربي السلفي الميت.
* الجسم الأكبر لما سمّي ب"الصحوة الإسلامية" التي توسعت خلال ثمانينات القرن الماضي كان مرشحا للاندماج في تيار التحديث ليطعّمه بخصوصية ثقافية تستلهم روح التاريخ المحلي… ولكن القمع السياسي المبالغ فيه لهذا التيار جعله ينغلق على نفسه ويرتدّ في عمومه إلى سلفيته الأولى… بل ويفسح الطريق أمام سلفيات كثيرة تتنافس في درجات السخف والتكلس والعنف.
خلاصة : مثل هذا النقاش يؤكد أننا مجتمعات عارٌ على الإنسانية.