حركة الشعب تعرف انشقاقات عميقة حقيقية. منذ أن تمّ إغراق مؤتمرها الأخير بمؤتمِرِين وهميّين لتصعيد أسماء محددة للقيادة وإقصاء أخرى، وبعد أن هيمن عليها هيكل وليلى بقوة المال على حساب قيادات تاريخية ذات مصداقية نضالية مثل فتحي بلحاج.. ظلّت الحركة ممزّقة بين الاستمرار في مشروع الانقلاب الذي وضعت فيه كل بيضها، أو التراجع والالتحاق بالمعارضة الحزبية للانقلاب بعد أن تأكدت نهائيا من أن سعيّد لا فقط لا يحتاجهم في مشروعه، بل أنه سيمضي في القضاء على كل الأجسام الوسيطة بينه وبين "شعبه".
من يتابع تدوينات أعضاء المكتب السياسي الحالي لحركة الشعب يلاحظ تناقضات جذرية في الموقف من مشروع سعيد بين سالم لبيض الذي لم يعد يخفي معارضته لفردانية سعيد ولاديمقراطيته، وموقف عبد السلام بوعايشة مثلا الذي يرى في سعيد زعيم مشروع سيادة شعبية قادمة.
سالم كتب اليوم مقالا يقرّ فيه بأن مشروع سعيد استنساخ لمشروع السيسي. علما أن القوميين هناك فهموا متأخرين أن السيسي مجرد عصا لدى الغرفة الصهيوإماراتية.
بينهما نجد موقف المغزاوي المائع الذي ما زال يراهن على إقناع اتحاد الشغل بالإلتحاق بالحوار الكاراكوز الذي انطلق اليوم.
أما هيكل،المموّل النافذ في الحزب، فلم يبق له إلا أن يستجدي سعيّد ويذكّره في تدوينة أمس أن حركة الشعب هي التي مكنته من الانقلاب حين منعت مرور المحكمة الدستورية في البرلمان. يقولها صراحة أن لو كانت المحكمة موجودة لعزلت سعيد.
ما زال هيكل لم يقتنع أن غرفة الانقلاب وظّفته كما وظّفت أغبياء آخرين في البرلمان من كتلته.. ومن غير كتلته.
مأساة أن تنفرط التجارب السياسية المختلفة بسبب "فقر حاد في الكفاءة " وهيمنة مموّلين حمقى، وسهولة الاختراق المخابراتي والتوظيف "الأجنبي".