أفق الإنقلاب وما بعده

أنا أرى أن الاحداث الحالية تتجه نحو أفق معركة كبيرة للتحرر من فرنسا وما قيس إلا مجرد قطعة ومرحلة في هذه المعركة، ولكنها أحداث مرحليا ستساهم بتفكيك أكبر معطل للقوى الثورية بتونس وهي حركة النهضة، وسيفتح المجال بعدها رحبا لصراع واضح بين طرفين فرنسا ومنظومتها من جهة مقابل رافضي ذلك من جهة ثانية، سينتهي بكنس فرنسا وبقاياها من تونس و إن كانت التكلفة ستكون على الارجح ثقيلة.

النهضة مثلت دوما الحاجز الذي كانت ولا زالت تحتمي به منظومة فرنسا بتونس ومن خلاله نفذت كل مراحل الثورة المضادة بل ومررت على ظهرها وبموافقتها مشاريعها الايديولوجية المحاربة للإسلام التي عجزت عن تمريرها في زمني بورقيبة وبن علي، كانت مواقف النهضة المنكسرة التي قبلت أن تمتطى لتمرير كل تلك المشاريع الاداة التي استعملت لادامة وضعنا المهلهل بكل مراحله وصولا لغضها الطرف عن انقلاب قيس قبل حصوله وبعد حصوله ثم دعمها عمليا لتواصله، الأخطر أن النهضة كانت مخدرا لقوى ثورية عديدة وكانت تنشر غمامة تمنع الناس من فهم منظومة فرنسا على حقيقتها وخطورة بقاياها من إعلام ونقابات ومنظمات.

حينما تغييب النهضة وقادتها "الحكماء" عن الساحة سيرجع الصراع لأصله واضحا بين فرنسا وبقاياها من جهة وبين جيل ثوري جديد سيطلق معركة تحرير وطني ولا يقبل بانتخابات تأخذ برأي وتستشير شعب عبارة عن قطعان يصفقون لكل متغلّب، أو يخوض معارك سياسية تقبل وتتحرك في الواقع الذي شكلته فرنسا.

انها معركة شاقة وخطيرة ولكنها ستقع حسب حتمية التاريخ الذي لايقبل أن نبقى محتلين وتبع لفرنسا وبقاياها كما هو حاصل الآن منذ عقود أين تحكمنا وتسيطر علينا لغة فرنسا وثقافتها وايديلوجيتها حيث أصبح المسلم التونسي غريبا بدينه ولغتنا العربية محتقرة باستبعادها من ميادين الفعل وحيث خيراتنا تنهب أمام أعيننا و ترابنا نمنع من دخوله وحيث برامج فرنسا تدرس قهرا لابنائنا في المدارس الخاصة التونسية وتحولهم لتبع وملحقين ذهنيا بها من دون رفض منا، إنه واقع العار الذي يجب أن ينتهي وسينهيه الجيل القادم الذي لن يقبل فقط بتفكيك منظومة الالحاق بفرنسا هذه، بل سيحاسب كل من سكت عن تكريس هذا الواقع العفن المخجل.

سيقع تفكيك كل منظومة فرنسا بتونس من نقابات و أحزاب ومنظمات تستقي فكرها وتوجهاتها من فرنسا، وهو الواجب الذي تأخر لعقود، إنها معركة تحرير وطني لا وجود فيها للنقابات التي يقودها الغرباء عقديا ممن نعرف الان يساريين وقوميين، ولا الاحزاب التي يقودها فرنسيون ولا المنظمات الممولة فرنسيا.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات