المكتب التنفيذي في ورطة. يتعرّض إلى ضغوط سياسية كبيرة من الرئاسة والخارج ليمضي على اتفاق نهائي مع حكومة سعيّد. اتفاق صاغه صندوق النقد الدولي في تفاصيله ويتوقف عليه مستقبل الانقلاب.
في مواجهة هذا الضغط، يلجأ المكتب التنفيذي إلى المناورة بما تبقّى له من أدوات. نتذكر أن آخر تحرك "سياسي" خاضه الاتحاد كان إضراب القطاع العام يوم 16 جوان الماضي. إضراب لم يحقق شيئا من حيث المكاسب المطلبية، ولكنه كان حاسما في زحزحة الاتحاد جزئيا عن موقفه المساند للانقلاب في بدايته. ولكنه ظل تطورا من دون أفق سياسي واضح نتيجة تصلب حكومة الانقلاب وصندوق النقد في العمل على فرض رؤيتها للمرحلة القادمة على الاتحاد.
يحدث كل هذا التردد في موقف الاتحاد مع عودة مدرسية يدخلها قطاع الثانوي خاصة في ظروف مهنية كارثية : وقف الانتدابات وانخفاض عدد الأساتذة بسبب التقاعد والموت.. وضع المعوّضين كارثي لا إنساني وقريب من العبودية التي لا تليق بمجتمع يحترم نفسه.. دخول كل الأساتذة مرحلة الفقر الحقيقي والعجز عن توفير الشروط الدنيا للعيش.. اهتراء مباني أغلب المؤسسات التعليمية وافتقادها لظروف ووسائل العمل.. وتنكّر كلي ونهائي من الوزارة لكل اتفاقياتها السابقة مع نقابة الثانوي.. الأمر الذي جعل النقابة في وضع حرج :
لم تعد تجد الحد الأدنى من المصداقية أمام منظوريها.. فاضطرّت إلى عقد هيئة إدارية عاجلة أعلنت فيها عن احتجاج بساعة واحدة يوم العودة المدرسية.. والتلويح بحجب أعداد الثلاثي الأول. إجراءان شكليان تماما لا جدية فيهما. أولا لأن يوم ساعة الاحتجاج هو يوم استلام التلاميذ لجداولهم، أي ليس يوم دراسة.. والأساتذة عموما لا يلتحقون فيه بمؤسساتهم.
وتأجيل التحرك لثلاثي كامل هو فعليا تمكين الانقلاب من هدنة إلى حدود انتخاباته الموعودة في 17 ديسمبر.. أي بداية العطلة.
المكتب التنفيذي ضغط فعلا على نقابة الثانوي كي تبدي أكثر صلابة تجاه الحكومة. ولم يكن راضيا عن القرارات الخفيفة التي خرجت بها الهيئة الإدارية للثانوي.. حتى أنه لم يمض على لائحتها. كان يريد أن يلوّح في وجه الحكومة بعصا أكبر وأقوى قطاع عمالي. لكن نقابة الثانوي التي تهيمن عليها حركة الشعب الموالية كليا للانقلاب رفضت أن تكون أداة تفاوض عند التنفيذي.. ولا ننسى أن التنفيذي أغلق الباب في المؤتمر الأخير أمام صعود اليعقوبي إليه.. بما خلق حالة عداء مستقر بينهما.
وضع مزرٍ.. تتواجه فيه داخل الاتحاد أجندات سياسوية ومشخصنة أحيانا على حساب مستقبل منظمة العمال، بل منظمة المجتمع. ما يحدث داخل اتحاد الشغل هو فصل كثيف من فصول المأزق السياسي العام.
تبا