الغياب الشَّاهق في التَّاريخ والطَّعنة في الظَّهر للضَّحايا، وللعدالة الانتقاليَّة ،وللثَّورة، وللدَّولة.. عيب كبير أن تتغيَّب تونس الآن عن جلسة الحوار التَّفاعلي مع الخبير الأممي سالفيولي "المُقرِّر الخاص الأممي المعني بالحق في الحقيقة والعدالة وجبر الضَّرر وضمانات عدم التِّكرار" ـ العدالة الانتقاليَّة ـ (Interactive dialogue with the Special Rapporteur on the promotion of truth, justice, reparation and guarantees of non-recurrence)، اليوم 16 سبتمبر 2022 في الأمم المُتَّحدة..
عيبٌ كبير أن تغيب تونس عن هذا النَّشاط الهام ضمن أشغال الدَّورة 51 لمجلس الأمم المُتَّحدة لحقوق الإنسان المنعقد حاليًّا بقصر الأمم بجينيف، بعد أن كانت بلادنا سبَّاقة للمشاركة وإثراء النِّقاش في هذا المحور الهام، بل وريادية ضمن مجموعاتنا العربيَّة والإفريقيَّة والإسلاميَّة وعدم الانحياز..
لقد كانت تونس من بين الدُّول الرَّاعية لمشروع قرار إنشاء ولاية المُقرِّر الخاص في في 29 سبتمبر 2011 عبر القرار رقم 18/7ثم تمديد الولاية في القرار رقم 36/7 سن 2017.. بل كانت ولاية المُقرِّر الخاص من إنجازات ومكاسب الدَّولة التُّونسيَّة بفضل "ثورة الحرِّيَّة والكرامة" المجدة 17 ديسمبر 2010 ـ 14 جانفي 2011 على المستوى الدُولي..
عيبٌ كبير وطعنة في الظَّهر لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.. وقد كان المُقرِر الخاص السَّابق زار تونس وقدَّم تقريرا للسُّلطات وللأمم المُتَّحدة لتعزيز مسار العدالة الانتقاليَّة وتنفيذ مُخرجاتها.. هذه هي المرَّة الأولى الَّتي تغيب فيها تونس منذ إنشاء الولاية عن هذا الحوار السَّنوي منذ 11 سنة..
وعيبُبُ أن تغيب الهيئة العُليا لحقوق الإنسان التَّابعة لرئاسة الجمهوريَّة.. وعيب أن تغيب لجنة متاعبة تنفيذ توصيات العدالة الانتقاليَّة لدى رئاسة الحكومة.. وعيب أن يغيب المجتمع المدني في الدَّاخل وفي الخارج.. علما وأنَّ المشاركة ممكنة حضوريًّا وتناظُريًّا عن بُعد..
والحمد لله أن حضرت "اللَّجنة الدُّوليَّة للحقوقيِّين" وخصَّصت كامل مداخلتها للعدالة الانتقالية في تونس والتَّلكُّؤ في تسهيل أعمال الغرف القضائيَّة المختصَّة وفي تنفيذ توصيات "هيئة الحقيقة والكرامة" وفي التَّراجع الكبير عن مُخرجاتها منذ "افتكاك الرَّئيس قيس سعيِّد لكامل السُّلطات في 24 جويلية 2021 والتَّدخُّل في استقلاليَّة السُّلطة القضائيَّة" ودعوة "مجلس الأمم المُتَّحدة لحقوق الإنسان" لأن يتابع عن كثب انتهاكات حقوق الإنسان في تونس وحثِّ السُّلطات على تنفيذ مخرجات العدالة الانتاقليَّة في معرفة الحقيقة والمُحساة وجبر الضَّرر للضَّحايا وضمانا عدم التِّكرارا والإصلاحات القانونية والدستورية والحق في الذَّاكرة والمصالحة..
من المسؤول عن هذا الغياب.. هل هو التَّهاون؟؟؟ أم هل هو قرار مبيَّت؟؟؟ من رئيس الجمهوريَّة رئيس الدَّولة دستوريَّا ورئيس كامل سلطات التَّدابير الاستثنائيَّة للمرسوم 80 نافذة المفعول؟؟؟ من رئيسة حكومة الرَّئيس للتَّدابير الاستثنائيَّة المسؤولة عن ملف حقوق الإنسان؟؟؟ من وزير التَّدابير الاستثنائيَّة للخارجيَّة؟؟؟