بلوكاج يتأتى من أن الانقلاب لا يمكن أن يكون، تخطيطا /أو/وتنفيذا بمنأى عن أجهزة دول كبرى.. ولكنه مع ذلك يشهد تنازع إرادات متناقضة أو متنافسة داخليا واقليميا ودوليا.. لاحتوائه وتوجيه. تنازع جعل من تونس ملفا دوليا معلقا تتداول عليه التوكيلات الغربية.
توكيلات يبدو أنها رست على الوكيل الفرنسي النشيط مؤخرا ماليا وسياسيا.. بتنسيق لصيق مع الجزائر.
الدور الفرنسي الجديد والمُستأنف.. يتمثل في تهيئة الشروط المالية لتنفيذ إملاءات صندوق النقد الدولي عبر زيارات مكثفة شبه سرية ل"البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية" و"وكالة التصرف في المديونية" التي أعلن عن بعثها سفير فرنسا مؤخرا "تحت حس مس" والتي ستكون "كومسيون مالي" جديدا.
ومن يلاحظ التركيز الفرنسي مؤخرا على الجزائر (زيارة ماكرون الأخيرة.. وزيارة رئيسة حكومته غدا رفقة 13 وزيرا) يدرك أن فرنسا تسابق الوقت في شمال افريقيا لتدارك خسائرها الأخيرة الفادحة جنوب الصحراء لصالح روسيا والصين.. وقبل ذلك في ليبيا لصالح تركيا. ويدرك أن سلوكها في تونس تحكمه غاية واحدة : تطويع الانقلاب لصالحها كليّا وبكل الطرق المتاحة، وبحد أدنى من التنسيق مع أمريكا التي تنظر إلى الشأن التونسي كجزء من ساحة المواجهة الشاملة التي تخوضها اليوم ضد روسيا والصين في أوروبا وافريقيا.
طبعا فرنسا لا يزعجها مطلقا مد الحبل لشعبوية سعيد.. بل أظنها تستثمر فيها. لذلك ستدعه يستمر في انتخابات بنائه القاعدي وهلوسات الشركات الأهلية الهامشية وستهتمّ هي عبر لوبيات البنوك والاقتصاد عموما بترسيخ تبعية تونس للمركز المالي الفرنسي أساسا. ستترك سعيد "على راحته" في ممارسة الدروشة السياسية لتضمن عدم عودة السياسة وتحديدا الديمقراطية الليبرالية.. عنوان الحداثة الحقيقية.
وتبا…