الانقلاب فضيحة أخلاقية وعار على كل من وفّر شروطه ممّن حكموا أيام الديمقراطية الرخوة.. بغباء، أو بغفلة، أو بانتهازية مقيتة. وهو جريمة معلقة في عنق "المنقلبين" وكل من ساندهم ولو بنصف كلمة. لذلك من البديهي والأخلاقي والإنساني العمل على زواله بما يتيحه الظرف "الموضوعي".
بقي أن الجزء الثاني من البديهي والعقلي والإنساني هو الإقرار بأن شروط البديل "الوطني الجامع" ليست متوفرة ولو في الحد الأدنى.
معارضات الانقلاب الآن ثلاث :
1_ جبهة الخلاص الوطني...
وهي أساسا حركة النهضة وائتلاف الكرامة.. بكل الثقل السلبي والطارد للسياسة لمجرد حضورهما في مشهد بديل.. زائد بعض الوجوه السياسية المستقلة التي تفهم في السياسة "النظرية" جيدا، ولكن موضوعيا محسوبة للأسف على عنوان "ما قبل 25". عنوان كاف لشحن "ما بعد 25" بكل أنواع الرضا "الشعبي" مهما كان قبيحا.. وفي الحد الأدنى هو عنوان مغذٍّ للسلبية واللامبالاة.. ومزهّد في السياسة العادية فما بالك بالتضحية الجذرية من أجل بديل ما. التضحية التي تمثل الوقود الضروري للثورات.
2_ مشروع عبير
الذي يتجذّر تدريجيا في راديكالية لافتة ترفض الانقلاب وجبهة الخلاص في نفس الوقت، بل هي أكثر عنفا في رفضها لما قبل 25.
3_ مشروع تنسيقية أحزاب التيار والجمهوري والتكتل والعمال والقطب.
وهي أيضا تعارض الانقلاب وترفض معه كلا من مشروعي النهضة وعبير. ولكنه مشروع نخبوي خجول إلى حد الآن. وربما هو أسير أخطاء بعض مكوناته التي خدعها الانقلاب.
إذا أضفنا إلى هذا الانقسام النهائي استقرار اتحاد الشغل في "الحياد الاضطراري" بعد مراوحة عسيرة في مربع مناورة ضيق جدا، نفهم استثنائية المأزق السياسي الذي يتخبط فيه الجميع.
أقول الجميع، لأن الانفجار الاجتماعي المتوقّع بسبب توقف الاقتصاد كليا وظهور بوادر أزمة جوع، والذي تراهن عليه، وتخافه جدا، كل هذه المشاريع، هذا الانفجار لن يسهم في تقريب الحل السياسي وتوفير مناخ التقاء ممكن بين هذه المجاميع المتناحرة، بل الأقرب أنه سيعلن موت القليل الذي بقي من السياسة.. لصالح انتداب أجنبي/داخلي مباشر.
تبا.