وَمَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهَوَانُ عَلَيْهِ.. صورة مُهينة لرئيس الجمهوريَّة ولتونس اختارها الطَّرف الفرنسي لتوثيق لقاء رئيسيْ البلديْن سعيِّد وماكرون.. الصُّورة أخذت من المقابلة في الجناح الرِّئاسي التُّونسي في مقرِّ انعقاد القمَّة الفرنكوفونيَّة الثامنة عشرة.. وظهر فيها الرَّئيس ماكرون وكأنَّه صاحب البيت، وفرض استعمال العلم الأوروبي إلى جانب الَعلم الفرنسي في حين غابت أعلام اتِّحاد المغرب العربي وجامعة الدُّول العربيَّة والاتِّحاد الإفريقي وبدا العلم المُفدَّى وحيدا..
كما اختار الطَّرف الفرنسي (وتابعه التُّونسي للأسف) اقتطاع طُغراء الجمهوريَّة التُّونسيَّة، بطمس السَّفينة القرطاجنِّيَّة رمز الحُرِّيَّة وكسر رأس الأسد وإخفاء السَّيف في يده رمز النِّظام وحجب رأس ميزان العدالة، وببتْر كل كلمات الشِّعار: حُرِّيَّة، نظام، عدالة.. والأسوأ، ظهور سعيِّد مُنحني الظَّهر غير ثابت الوقوف في موقع إصغاء وصَغار وتسوِّل أمام ماكرون مستقيم الظَّهر في هيئة إعطاء الأوامر وإسداء التَّوجيهات ورسم الطَّريق..
بعد خطاب إنشائي أبرز فيه الرَّئيس للعالم أجمع اثِّقَالَهُ إلى ما وراء الوراء إلى عالم ومعاجم الفرنسيَّة القديمة لأواخر القرن التَّاسع عشر للمعجمي الفرنسي الَّذي كتب فرنسيَّة قديمة للفرنسيِّين القُدامى إيميل ليتّْري (Émile Littré)، والَّذي اندثرت الكثير من الأفعال والكلمات والاشتقاقات و"الرَّكاكات اللُّغويَّة" الَّتي تضمَّنها من المناجد والمعاجم الحديثة منذ أواخر القرن التَّاسع عشر، فما بالك بالقرن العشرين، وما أدراك بالقرن الحادي والعشرين، وبملايين الاكتشافات الَّتي توصَّل إليها العقل البشري واضطرَّت معاجم اللُّغة ومناجيدُها التأقلم معها وتسميتها وشرح استعمالاتها ممَّا لا طاقة لإيميل ليتّْري به.. وكأنَّه رجل قادم من زمن غابر بلغة غابرة لم تعد صالحة للتَّداول، وفقدت الكثير من مفرداتِها قيمتَها الإبرائيَّة في سوق اللُّغة.. فضاعت على رئيس الجمهوريَّة بلاغة لغة اللِّسان ودلالة لغة الجسد..