حشاد رمز كبير... لأنه شهيد النضال الوطني والإجتماعي في نفس الوقت... وعليه إجماع وطني... وتاريخ 5 ديسمبر 1952 ذكرى اغتياله من طرف المستعمر...عليهما أيضا إجماع وطني قلّ ما وجد في غيرها من الذكريات... فهذه الذكرى مثل غيرها من بعض التواريخ... رمزية جدا قبل غيرها... وهي على غرار عيد الشهداء في 9 أفريل من أجل برلمان تونسي يكرس السيادة الشعبية والوطنية.. وكذلك ذكرى الإستقلال في 20 مارس... وعيد الجمهورية في 24 جويلية الذي وضع حدا للنظام الملكي التوارثي....
وكذلك ذكرى 15 أكتوبر.. ذكرى جلاء آخر جندي مستعر عن بنزرت من آخر ثكناته التي بقي فيها بعد الإستقلال... ومن نفس المكان الذي دخل منه بالسلاح والنار سنة 1881... وكذلك ذكرى 14 جانفي... ذكرى الثورة من أجل الحرية والكرامة لشعب ناضل هو وقواه الحية المتجسمة أساسا في هياكله الوسيطة ضد عقود من الإستبداد والإضطهاد الإجتماعي والفساد ..... وفرح بها حتى الثمالة.. وعبر عن فرحته في كل حي وكل مدينة وكل قرية لأول مرة بعد السنوات الأولى من الإستقلال... بممارسة حقوقه المدنية والسياسية.. واعطى مثالا وشحنة لشعرب عديدة رازحة تحت أنظمة استبداد واضطهاد وفساد..
لكن حكومات دولة الإستقلال بقيادة بورقيبة الذي لقبته بطانيه بالمجاهد الأكبر... والذي حسب زعمه خلق شعبا من عدم.. من غبار من الأفراد حسب قوله... لم تجعل من 5 ديسمبر ذكرى وطنية…
وهذا مفهوم... لأن حشاد اكبر من الجميع في النضال الوطني علاوة على النضال الإجتماعي...فهو الذي وحد القوى العاملة التونسية... وقاد فعليا النضال الوطني في فترة اقترف فيها الاستعمار من أشرس جرائمه.. ولم يستعلى على الشعب التونسي... ولم ينف وجوده قبل تواجده في النضال الوطني.. او بتقزيم قواه الحية...بل فال له...إني أحبك يا شعب ... فقد كان عنده موجود...ويعتبره سنده.. وصاحب السيادة…
ولو لم يكن كذلك... لما اغتاله المستعمر...واكتفى بسجنه او بنفيه... كما حصل لغيره... وطبعا لم يدخل في خلد بن علي.. المنقلب على بورقيبة ولي نعمته.. صانع التغيير وحامي حمى الدين.. مثل هذه الأمور... لأنه مستبد وفاسد.. . ولا يرقى تفكيره السياسي للخوض في مثل هذه الأمور..
لكن الغريب انه بعد ثورة حرية وكرامة انسانية وكرامة وطنية... لم يدر بخلد كل الحكومات المتعاقبة إلي تاريخ 25 جويلية .. أخذ القرار في هذا الموضوع...ولا حتى طرح الموضوع للنقاش.. والحال ان ستقبل الشعوب مأسس دائما على اخذ العبر من ماضيها إن كانت إيجابية او سلبية ... والشعوب التي تنسى ماضيها او تتناساه... َتدخل لا محالة في حقبة من ضياع البوصلة وفي دوامة من الإرتجال والعبث السياسي....
ولا أظن شخصيا اننا بعد ما دخلنا في 25 جويلية 2021 وما بعده... في مثل تلك الحقبة... سيأخذ هذا الموضوع حظه.. فحتى تاريخ 14 جانفي العظيم... وقع وأده من طرف من يتحكم في مصير هذا الشعب الذي احبه حشاد... المجاهد الأكبر الحقيقي…
فبالإطلاع على ما يقوله وعلى مضمون دستوره... ندرك ان كل ما يختلف مع نظرته الأيديولوجية للبناء القاعدي. وآراءه السياسية... لا يتوافق مع هذا الإستحقاق الوطني ... والدليل على ذلك ثابت ولا غبار عليه ... فقد غير في تواريخ الأعياد الوطنية الرسمية بعد 25 جويلية كما أملته عليه قناعاته الأيديولوجية الشخصية... ولم يفعل ذلك..
شخصيا ذكرت بذلك منذ الثورة.. احتراما لتاريخ هذا الشعب الذي انتمي له بكل فخر... رغم التعثرات والنكسات الظرفية التي تحدث لا محالة في فترات الإنتقال الديمقراطي ... لأن تاريخ الشعوب لا يعد بالسنوات…
ولكن هل من مجيب لتصحيح التاريخ الوطني؟