بعد الإخفاق الذريع الذي شهدته الانتخابات التشريعية التي جرت منذ أيام قليلة و التي لا يمكن الا عدها مؤشرا بليغا على فشل مسار الانقلاب الذي دشنه الرئيس يوم 25 جويلية 2021 و الذي حظي للأسف بمباركة شق واسع من هذا المجتمع المدني بالذات اما بشكل واضح و صريح أو بشكل متلعثم و خجول ( تحت ما عاد يعرف المساندة النقدية ، الشراكة ...) لم يخل أحيانا من التواطئ مع جملة الانتهاكات التي عرفتها الحقوق و الحريات العامة و الفردية ، تفكيك مؤسسات الانتقال الديموقراطي ، الكيل بمكيالين ، ها أن ثالوث المجتمع المدني الأبرز : الاتحاد العام التونسي للشغل ، الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان يبدأ مشاورات أولية من أجل صياغة مبادرة سياسية من أجل تجاوز الحالة المتردية و العبث السياسي الذي وصلت اليه البلاد.
أعتقد ان أي مبادرة في اتجاه وضع حد للانقلاب و إعادة المسار الديموقراطي مهمة و لا يمكن الا أن تثمن و لكن علينا أن نتذكر أن بعض هذا الثالوث تنكر الى الحوار الوطني الذي قاده سنة 2013 و رذل مخرجاته و مارس ضربا من الهيمنة و الاستعلاء الذي لا نرى له مبررا . فكأن الأحزاب السياسية شياطين أوهي في احسن الحالات كيانات غير ناضجة وهي تحتاج الى وصايته .
الأرضية التي منها يمكن الانطلاق أن الازمة السياسية الحادة التي تعيشها البلاد لا تجد حلا لها الا في حوار وطني سياسي يسنده هؤلاء فحسب . شيطنة الفاعلين السياسيين و الارتقاء بالمجتمع المدني هو الوجه الآخر للشعبوية التي يبشر بها الرئيس وهي في النهاية ليست الا مناولة لأطروحات الرئيس و مقولاته.
شرط التحرر السياسي هو التحرر من كافة اشكال الوصاية على السياسيين أحزابا و ذوات اعتبارية . نزع الأسطرة عن مجتمعنا المدني démystifier و أدواره الملتبسة و قيمه المزدوجة خطوة حاسمة لمن أراد الاعتبار.