يتعرّض حمة الهمامي لحملة سحل سياسي من طرف غوغاء اليسار الشعبوي لأنه رفض الانحراف بمسيرة اتحاد الشغل من التصدي للدكتاتورية الناشئة إلى ترديد الشعار الشهير ضد الغنوشي.
العجيب أن عبارة "موش وقتو" التي همس بها الهمامي لشاب يساري أثارت غضب معسكرين سياسيين نقيضين. فاليسار اعتبرها تفريطا في دم بلعيد باسم التكتيك السياسي. والإسلاميون اعتبروها تأجيلا تكتيكيا للحرب ضدهم لا موقفا مبدئيا يبرّئهم نهائيا من تهمة باطلة.
من العبث أن يجد مناضل يساري استثنائي مثل حمة نفسه في وضع كهذا. كيف سيقنع محيطه اليساري المتكلس بأولوية منع استقرار دكتاتورية تستكمل خطواتها الأخيرة في دفن الديمقراطية وتسليم البلاد لمؤسسات الاستعمار المالي، وبأن ملف بلعيد لو تكفلت به سلطة انقلابية لا وطنية بالضرورة فلن تفعل بغاية إقامة العدل وإظهار الحقيقة بل بغاية توظيفه في منع تشكل معارضة سياسية واسعة موحدة ضدها..؟
الغوغاء الذين يريدون تحميل مسؤولية جريمة اغتيال بلعيد لشخص الغنوشي بأي ثمن ومن أي جهة تقبل بذلك وإن كانت انقلابا، ولا يعنيهم كثيرا التفريق بين المسؤوليتين السياسية والجنائية، هؤلاء يمثلون رصيدا ثمينا للفاشية الشعبوية الزاحفة.
المعسكر المقابل أيضا سيظل يعتبر موقف حمة نصف موقف.. بل لا موقفا. والخلاصة.. تونس الآن تهيمن عليها ثلاث "تيارات فلسفية كبرى" :
• عوامّ مقرفون تنخر رؤوسهم عنصرية بدائية وضيعة وأمية شاملة (تضم متعلمين من كل المستويات المدرسية).
• فيراجات سياسة متناحرة توفر مناخ انقسام سياسي دائم داخل يمنع أي فرصة لتبلور مشروع معارضة
• وعصابات روبوتات فايسبوكية مدارة من قبل أجهزة ترعى الانقلاب.. وتسخر منا جميعا.
ألف تبا.