حكاية الخبز…

بصدق ما فهمت حتى كعبة في حكاية الخبز. في مرحلة أولى صدر قرار فجئي وصارم بغلق المخابز العصرية اللي تبيع في خبز من نوعية جيدة ولكن بأثمان أغلى من الخبزة المدعومة. الحجة اللي قدمها سعيّد هي "خبز واحد لكل التونسيين".. وضرب الاحتكار والمضاربة في قوت الشعب في ايحاء بأن المخابز العصرية خاصة بالأغنياء وتستعمل فارينة الفقراء المدعومة.

الناس عموما تحمست للقرار وتوقعت اللي مشكلة الخبز باش تتحلّ. اللي صار بعدها أن الأزمة احتدّت. والكوش متاع الخبز المدعوم عجزت على توفير الخبز. ورئيس غرفة المخابز تم إيقافو وإيداعو السجن بتهمة تبييض أموال والاحتكار والمضاربة بمواد غذائية مدعومة.

يعني تم التراجع عن تحميل مسؤولية أزمة الخبز للمخابز العصرية ليتم توجيهها لأصحاب المخابز المتمتعة بالدعم. وفي الأثناء تم السماح للمخابز العصرية بالعودة إلى العمل بشروط طريفة منها عدم استعمال تسمية مخبزة والالتزام بأن لا يتجاوز طول "الشيء" الذي يبيعونه على أنه خبز 20 سم حتى لا يشبه الباڤات. والأهم أنهم سيستعملون فارينة غير مدعومة ويبيعون هذا الشيء ب250 مليما.

النتائج:

* المخابز العصرية تم تعجيزها ودفعها عمليا إلى الغلق. باعثوها أغلبهم مرهون لدى البنوك. وآلاف العمال الذين يشغّلونهم سيجدون أنفسهم في الشارع.

* المخابز المدعومة لم تعد تستطيع توفير حاجيات المواطن من الخبز. ولا يمكن أن يحافظوا على نفس عدد العمال لتراجع حجم المعاملات بسبب نقص كمية الفارينة.

* المساحات الكبرى (وأغلبها شركات أجنبية) توفر الخبز "الرفيع" بأثمان "رفيعة جدا" ولا تعبأ بقرارات الدولة.

أهم نتيجة هي تعمّق حجم الفوارق بين خبز الفقراء و.. لا أقول خبز الأغنياء، لأن المواطن العادي مضطر لشرائه، بل خبز الشركات الأجنبية.

وتبا.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات