إستمعت إلى أحد مناصري مشروع الصلح الجزائي على قناة العائلة .. ووالله لم يأت على خاطري إلا القول " لو أمطرت السماء حرية لخرج الكثيرون بمظلاتهم".
و إستمعت إلى تدخل سيد'أحمد صواب على موجات إذاعة خاصة حلل فيه و فسر و فكك هذا المشروع قانونيا و دستوريا و سياسيا تحليلا رأيت بينه و بين الآخرين فرقا شاسعا و هو الفرق بين من يؤمن بالمؤسسات و بين من كان الحقد الطبقي محركه الأساسي. و مع تحيتي للأستاذ أحمد صواب فإني أدعو الجميع إلى الإستماع إليه (تجدون الرابط في أول تعليق) و يا حبذا لو إستطاع إعلامنا إحتراما لعقولنا و لعقول إخواننا من الصادقين المخلصين تنظيم حوار هادئ و حضاري بين الرؤيتين ليتبين لنا جميعا النافع من الزبد.
هذا المشروع في صيغته المعدلة هو أولا إقرار بفشل هذا المسار على مستويات عدة و هذا ما عبر عنه العديدون. ثم هو وضع منظومة غير دستورية ضمن مؤسسات السلطة التنفيذية بصفة دائمة لم تعد وقتية و هو لمن لا يفهم ذلك سيف مسلط على رقاب الجميع. و هو سيف في رئيس الدولة من غير أي نوع من أنواع المراقبة أو المسائلة أو المحاسبة.
هذا المسار الجديد وضع تحت قرار مجلس الأمن القومي و في الحقيقة لن يكون إلا غطاء لقرارات رئيس الدولة بغطاء القوة الغاشمة (بمعنى القوة الصلبة التي تستطيع أن تكون ظالمة هنا). سؤال وحيد في هذا المجال : بأي صفة سيقرر مجلس الأمن القومي رفع قيمة الضرر أو خفضه في أي ملف بعد أن إشتغلت عليه اللجنه بخبرائها لمدة أربعة أشهر أو أكثر ؟
ليس لمجلس الأمن في تقدير كل فكر مؤسساتي عقلاني ما يفعل في هذا المسار. هو ليس مجاله و لا مجال كفائته و لاخبرته. هذا المجلس وقع الزج به لإضفاء شرعية على قرارات الصلح الجزائي و لفرضها بقوة الدولة المحتكرة للعنف الشرعي و ذلك إستباقا لما قد يحصل من رفض لها.
هذا المشروع في صيغته الحالية هو خطوة إضافية تقوم بها منظومة حكم توغل في التحكم بنواصي الحكم الفردي و توغل في الإستبداد و توغل في الخروج عن كل شرعية أو مشروعية بإستعمال مركب أمني و قضائي موال له.
المشروعية ؟ لم نقل يوما أننا ضد مقاومة الفساد بل تكلمنا عن ذلك عندما كان قيس سعيد و مناصروه صامتين ثم تكلمنا لنبين أن منهجية قيس سعيد خاطئة و هي عناوين من غير محتوى و أنها لن تقضي على الفساد لأن ذلك يستدعي فهما و تفكيكا و منهجية لم تتوفر لدى قيس سعيد و منظومته و نحن على إستعداد لتحليل ذلك في مناظرة نبين فيها مدى إنحراف المنظومة إلى منظومة ظالمة و مارقة.
و مع ذلك نحن ندرك أن أجهزة الإستماع لمنظومة الحكم الحالية معطلة و ليس لها إلا أجهزة بث يلتقطها خاصة كل من إختار طريق العبودية الطوعية و هم كثيرون و لهؤلاء نقول : تذكروا جيدا و لا تقولوا يوما "لم نكن على علم بذلك".