حلول دستوريَّة طَريفة مَرِنة لا تُنافي نصَّ وروحَ الدُّستور ولا تتعسَّف عليه.. تعيين رئيس الحكومة رئيس مجلس الوزراء نائبا لرئيس الدَّولة طيلة فترة غيابه، وتأديته اليمين الدُّستوريَّة أمام البرلمان، وتعيين أحد أعضاء الحكومة وزير الدِّفاع بالأصالة ووزير الدَّاخليَّة بوكالة الإنابة رئيسا لمجلس الوزراء بالإنابة طيلة فترة نيابة رئيس الوزراء لرئيس الدَّولة..
وتمديد تكليف رئيس الوزراء بالإنابة بعد فترة الغياب إلى غاية تعيين وليٍّ للعهد من طرف أمير البلاد رئيس الدَّولة وموافقة البرلمان على اختيار الأمير لوليِّ العهد وتقديمه اليمين الدُّستوريَّة أمام البرلمان وليس أمام الأمير، كما ينصُّ على كلِّ ذلك الدُّستور..
وقد لجأ رئيس الدَّولة الأمير مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشَّقيقة إلى هذا الخيار لتفادي الأزمة الدُّستوريَّة وأخذ الوقت للبحث عن مرشَّح توافقي للمنصب داخل العائلة الحاكمة من بين الأبناء الشَّرعيِّين من آل الصُّباح من ذرِّيَّة الأمير المُؤسِّس وداخل كُتل البرلمان وبين العائلة والبرلمان..
وينُصُّ دستور دولة الكويت الشَّقيقة على اختصاص الأمير باختيار وليٍّ للعهد، ولكن يحيط الاختيار بضمانات دستوريَّة صارمة، من بينها أن يكون وليُّ العهد من الأبناء الشَّرعيِّين من ذُرِّيَّة الأمير المؤسِّس، وتحديد آجال دقيقة للاختيار، واشتراط موافقة البرلمان مناط التَّمثيليَّة الشَّعبيَّة على اختيار الأمير ثمَّ أداءه اليمين الدُّستوريَّة أمام ممثِّلي الشَّعب..
ويكتسي اختيار وتعيين وليِّ العهد مكانة كبرى في دستور دولة الكويت الَّذي جعل منها "ملكيَّة دستوريَّة"، يكتسي أهمِّيَّة كُبرى في تسيير الدَّولة عبر النِّيابة عن الأمير في تمثيل الدَّولة وأداء وظائفه الدُّستوريَّة السَّامية وفي تأمين الانتقال السِّلمي للسُّلطة.. حيثُ، يعاين القضاء والبرلمان شُغور منصب الأمير رئيس الدَّولة في حالة الوفاة، ويأذن رئيس البرلمان لرئيس مجلس الوزراء بالمُناداة بولي العهد أميرا للبلاد ودعوته لتقديم اليمين الدُّستوريَّة أمام البرلمان ثمَّ يأذن للعائلة بتقديم البيعة، في إطار احترام السِّيادة الشَّعبيَّة..
لو تواضعنا معاشر التُّونسيِّين إلى ما يجري حولنا من تجارب دستوريَّة مقارنة أصيلة لرأينا حلولا أكثر أناقة لأزمتنا الدُّستوريَّة السَّابقة ولأزمتنا الماثلة الَّتي جاءت بتعلَّة "تصحيح مسار" سَلَفَتِهَا فزادت تِينَهَا بَلَّة ووضعنا عِلَّة، وهي اليوم "أُمُّ الأزمات" الخانقة الَّتي تمرُّ بها بلادنا تونس في وقت عَصيب من تاريخنا المعاصر..
فماذا لو قارنَّا "التَّفعيل التَّوسُّعي" العنيف والمُثير للجدل الدُّستوري والقانوني والسِّياسي والأخلاقي في تونس، ودون حتَّى احترام الضَّوابط الدُّستوريَّة والقانونيَّة والإجرائيَّة كما عاينته المحكمة الإفريقيَّة لحقوق الإنسان والشُّعوب في أمرها بإلغاء التَّدابير الاستثنائيَّة إيَّاها والعودة للنِّظام الدُّستوري وهو ما أوصت به بلادنا دول شقيقة ديمقراطية عزيزة علينا من بينها جنوب إفريقيا ودوقيَّة لوكسمبورغ الكُبرى في الاستعراض الدَّوري الشَّامل أمام مجلس الأمم المُتَّحدة لحقوق الإنسان، ماذا لو قارنَّا ما "أتاه" و"يَأْتُونَ" به البعضُ من بني جلدتنا "في نَادِيهُم" من "المُنكَر" الدُّستوري ومن "فواحِشَ دستوريَّة" مع ما استنبطه العقل الدُّستوري في دولة الكويت الشَّقيقة وغيرها من الدُّول أحبابنا لمعالجة الأزمات الدُّستوريَّة الطَّارئة بعقل دستوري سليم أنيق؟؟؟
ورحم الله عالما وفقيها رياضيًّا عالميًّا قال فيما استنبط من أحكام ومُسلَّمات ونظريَّات رياضيَّة: "لكلِّ مشكلة حلول متعدِّدة ممكنة، ودور الرِّياضيَّات ليس أن نختار أيَّ حلّ من بينها، بل هو أن نختار الحلَّ الأكثر أناقة"..