في القمّة العربيّة المعتاد خروجُها بأشدّ القرارات جُبنا.. في القمّة العربيّة الشّكليّة التي أجاد وصفَها في دورات سابقة الشّاعرُ العراقيّ المشرّد مظفّر النّوّاب بقصيدته الشّهيرة " قِممْ" التي سأختار أكثر عباراتها المقذعة لطفا:
"يا قمّة الأزياء
يا قمّة الأزياء
سُوّدت وجوهُكم
من قمّةٍ.
ما أقبحَ الكروشَ من أمامكم
وأقبح الكروشَ من ورائكم
ومَن يُشابه كِرشَه فما ظَلَمْ"
في القمّة العربيّة التي رأينا خلال بعض دوراتها المفرَغة قادة الدّول يتراشقون بأسوإ الألفاظ كنساءِ "الحمّامْ العرْبي" سيّئاتِ السّمعة عديماتِ الشّرف (عقيد ليبيا وملك السّعوديّة مثلا)، وعلمنا أنّ "إسرائيل" ترخّص لأحد القادة في خطاب "ناريّ" مخدّر يظلّ يلوك مضمونَه وعباراته العشّاقُ المغفَّلون في محاولة لإقناعنا بمناهضته لجارته البغيّ (أسد سوريا الإبن)…
في قمّة هذه الأيّام، وبعد أن غطّ غطيط البَكر استيقظ رئيسُ رام الله محمود عبّاس من "تعسيلته" (عبارة شعبيّة تونسيّة)، وليتَه ما استيقظ، ليقول بلسان يملأ فمه ملأً تختلط معه الحروف فتشكُل على السّامع : "العمليّة التي نفّذتها حماس بقرار منفرد في ذلك اليوم، وفّرت لإسرائيل المزيد من الذّرائع والمبرّرات كي تهاجم قطاع غزّة، وتُمعن فيه قتلا وتدميرا وتهجيرا". لكنّه لم يقل لنا لماذا تُستباح الضّفة، ولماذا يعربد الجيش الصّهيونيّ قبل 7 أكتوبر المقدّس وبعده قريبا من مبناه "الرّئاسيّ"( ثامنة عجائب الدّنيا: دولة برئيس ووزراء لكنْ دون أرض ودون سيادة)، فيصفعون حرَسه على أقفيتهم وينفّذون ما شاؤوا من عمليّات بلطجة في وضح النّهار؟
قُل، يا "صاحب السّموّ والمعالي"، صريحا، إنّ هذه الملحمة البطوليّة قد هزّت من تحت كِرشك الورائيّ كرسيّك الوفير المحشوّ ذلّا وعارا وخذلانًا لشعب لم يَجُد التّاريخ بمثله. أوَ كنتَ فعلا تنتظر من جناح حماس العسكريّ الذي تكتّم على عمليّة هذا اليوم الحاسم المزلزِل حتّى على قادته السّياسيّين ذوي التّاريخ الجهاديّ الطّويل العريض المشرِّف أن يُعلم مُخبرا متواطئا مثلك صرّح منذ أيّام في لقاء عربيّ أجوف آخر بأنّ من واجبه توفيرَ أمن إسرائيل؟!
يا "رجل"، أليس في وجهك "المحنّك" قطرةُ ماء توقظك من سُبات العين الذي التقطتْه كاميراهات العالم في قمّة البحريْن هذه، ومن سبات القلب والضّمير المستدام الذي يفضحه فيك الفعل واللّسان من أجل أن تُبيّض ولو قليلا من تاريخك الأسود؟!
دع الرّجال الأنقياء يواصلون ما بدؤوا من أجل وطن بعتَه بأبخس الأثمان.
دعهم يردّدون بسواعدهم القاذفة المسدَّدة :
زلزلْ أمن إسرائيل
أشعلْ فيه بركانا
………………
إنّهم وهنٌ ووَهمُ
ما لهم في الحرب عزمُ
هم كبيتِ العنكبوت
حينما يلقاه شَهمُ
………………..
إنّهم في القلب شتّى
ويخافون المماتى
خَلف جدرانٍ توارَوْا
…………….…….
جندهم فئرانُ حربٍ
حتفهم آنَ أوانُهْ
متى كنتَ محترقا على شعبك المجنزر بآلة إسرائيل التي توجّهها نحوه كلّما حَلا لها ذلك دون أن تقيم لك اعتبارا؟!
ألستَ بما نراه منك ونسمع أوّل المطبّعين الفعليّن؟! اترك كلّ هذا، وانعمْ بطائراتك الفارهة ونُزُلك الفاخرة وإقاماتك المتبّلة بالنّساء والخمور في عواصم الصّمت العربيّ الذّليل…
عُد إلى نومك، فنومُك أستَر لفضائحك وستصلك نسخة من مخرجات القمّة أقوى عباراتها: نشجب، ونحتجّ، ونأسف… إن كان ما زال بالإمكان القدرةُ على هذه العبارات الضّحلة أصلا !!!